اسم الکتاب : رساله فی الامامه و ذکر اغلاط العامه المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 71
الإمام ویوحی إلی رسوله به ، ووجب علی الرسول أن
یعینه بشخصه وحسبه ونسبه للأمة ، وبعد ثبوت وجوبه یثبت فعلیته لأن الوجوب
علی الله تعالی ملازم للفعلیة باتفاق العقول ، لأن عدم النصب ظلم وإضرار
وتفویت للمصلحة وامتناع الظلم علی الله ثابت بالدلیل الفطری ، ولا یحتاج فی
ثبوته إلی قاعدة الحسن والقبح . ودعوی إن الواجب علی الله أن لا یظلم
ولا یصدر منه ذلک ، وإما تفویت المصلحة وترک فعل الأصلح فلا یمتنع فی حقه
تعالی ، مدفوعة بأن معنی الظلم عرفا بالنسبة إلی الله تعالی هو الخروج عن
القوانین العقلیة والنقلیة ، وأی خروج أعظم من نسبة القادر المختار إلی
إهمال أمور عباده وإیقاعهم فی المهلکة بعد قدرته علی عدم ذلک وهو ینظر إلی
مفاسد عدم تعیین الإمام ، ولا فائدة ترجع إلیه فی الإهمال . ودعوی إن
المصلحة ربما کانت فی الإهمال ، مدفوعة بالتفکر فی سالف کلماتنا بأن مثل
هذه المصلحة غیر معقولة إلا من جهة عدم تمکین الأمة للإمام المنصوب من الله
تعالی ، وهو لا یزیل مصلحة نصبه ، کما إن کفر الکفار لا یقضی بعدم بعث
النبی فإذا ثبت النصب تعین إن یکون المنصوب هو أمیر المؤمنین ( ع ) ، لما
مر مفصلا من عدم ادعاء غیره ذلک . 70
الدلیل السادس : الإمام معصوم
[تمهید]
الدلیل السابع ( وهو من الأدلة العقلیة ) : -أفضلیته إن الإمام
لابد وأن یکون أفضل من غیره وإلا یلزم إطاعة الفاضل للمفضول وهو قبیح
فیمتنع ، ولا ریب فی أفضلیة الأمیر ( ع ) علی من سواه من المهاجرین
والأنصار وذلک لا یحتاج إلی تجشم الاستدلال ، ویکفی فیه ما ورد صحیحا من
طرق الطرفین ( علی أقضاکم ) وغیر ذلک مما یحسر عنه نطاق القلم ، والمعتزلة
بأسرهم یقولون بذلک وأما الأشاعرة الذین جوزوا صدور القبیح علی الله تعالی
وإمکانه أیضا بلا مصلحة ، لا یجوزون تقدیم الفاضل علی المفضول ، ویرون
التقدیم بلا سبب ظلم فی حق الفاضل وصدور الظلم من الله قبح لا ینکره
الأشعری من جهة دلالة الکتاب والشرع علیه ، وإن جوزوه عقلا ، واحتمال إنه
ربما کانت هنالک مصلحة اقتضت التقدیم یدفعه التدبر فیما تلوناه علیک مما
غیر من الأدلة العقلیة من إن المصلحة المتوهمة لا ترفع المصلحة اللازمة فی
أصل التعیین . والقول بأن الأمیر ( ع ) وإن کان أفضل من غیره فی جمیع
الصفات الحمیدة من العلم والشجاعة والحسب والنسب فعسی أن یکون غیره أبصر
منه فی السیاسات والإمارة ، مدفوع بعدم معلومیة ذلک بل المعلوم غیره من
رجوع الصحابة إلیه فی أکثر المهمات وقد ورد ( لولا علی لهلک عمر ) ، وعدم
المعلومیة تکفینا علی إن الصحابة لو أطاعوه وأمروه علیهم لسار فیهم سیرة
النبی ( ص ) ، ولشاورهم کما یفعل الرسول فلا محذور علی إن هذا البحث یجری
فی حق النبی ( ص ) ،
اسم الکتاب : رساله فی الامامه و ذکر اغلاط العامه المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 71