یوم،
فان عمل حسنة استزاد اللّه- تعالی-، و ان عمل سیئة استغفر اللّه منها و
تاب إلیه». و فی بعض الأخبار: ینبغی ان یکون للعاقل أربع ساعات: ساعة یحاسب
فیها نفسه ...
فصل (مقامات مرابطة العقل للنفس)
اشارة
اعلم ان العقل بمنزلة تاجر فی طریق الآخرة، و رأس ماله العمر، و قد
استعان فی تجارته هذه بالنفس، فهی بمنزلة شریکه او غلامه الذی یتجر فی
ماله، و ربح هذه التجارة تحصیل الأخلاق الفاضلة و الأعمال الصالحة الموصلة
إلی نعیم الأبد و سعادة السرمد. و خسرانها المعاصی و السیئات المؤدیة الی
العذاب المقیم فی درکات الجحیم، أو نقول: رأس مال العبد فی دینه الفرائض، و
ربحه النوافل و الفضائل، و خسرانه المعاصی، و موسم هذه التجارة مدة العمر،
و کما ان التاجر یشارط شریکه أولا، و یراقبه ثانیا، و یحاسبه ثالثا، و إن
قصر فی التجارة- بالخیانة و الخسران و تضییع رأس المال- یعاتبه و یعاقبه و
یأخذ منه الغرامة، کذلک العقل یحتاج فی مشارکة النفس إلی ان یرتکب هذه
الأعمال، و مجموع هذه الأعمال یسمی ب (المحاسبة و المراقبة) تسمیة الکل
باسم بعض أجزائه، و قد یسمی (مرابطة) أیضا.
فأول الأعمال فی المرابطة (المشارطة):
و هی أن یشارط النفس و یأخذ منها العهد و المیثاق فی کل یوم و لیلة مرة
ألا یرتکب المعاصی، و لا یصدر منها شیء یوجب سخط اللّه. و لا یقصر فی شیء
من الطاعات الواجبة، و لا یترک ما تیسر له من الخیرات و النوافل. و الأولی
أن یکون ذلک بعد الفراغ عن فریضة الصبح و تعقیباتها، فیخاطب النفس و یقول
لها: یا نفس! مالی بضاعة سوی. العمر، و مهما فنی فنی رأس المال. و وقع
الیأس عن التجارة