جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 55

و معرفة تحقق به ضرر الزنا الذی قارفه، و ثار منه احتراق و تحسر و ندم، بحیث لو کانت شهوة الوقاع باقیة لکانت حرقة الندم تقمع تلک الشهوة و تغلبها، فانی أرجو أن یکون ذلک مکفرا لذنبه و مباحا عنه سیئته، إذ لا خلاف فی أنه لو تاب قبل طریان العنة و مات عقیب التوبة کان من التائبین و ان لم تطرأ علیه حالة تتهیج فیها الشهوة و تتیسر أسباب قضاء الشهوة، و لکنه تائب باعتبار أن ندمه بلغ مبلغا أوجب صرف قصده عن الزنا لو ظهر قصده، فاذن لا یستحیل أن تبلغ قوة الندم فی حق العنین هذا المبلغ إلا أنه لا یعرفه من نفسه، فان کل من لا یشتهی شیئا یقدر نفسه قادرا علی ترکه بأدنی خوف، و اللّه مطلع علی ضمیره و علی مقدار ندمه، فعساه یقبله منه، بل الظاهر انه یقبله. و الحقیقة فی هذا کله ترجع إلی أن ظلمة المعصیة تنمحی عن القلب بشیئین:- أحدهما- حرقة الندم، و- الآخر- شدة المجاهدة بالترک فی المستقبل، و قد امتنعت المجاهدة بزوال الشهوة، و لکن لیس محالا أن یقوی الندم بحیث یقوی علی محوها دون المجاهدة، و لو لا هذا لقلنا: ان التوبة لا تقبل ما لم یعش التائب بعد التوبة مدة یجاهد نفسه فی عین تلک الشهوة مرات کثیرة، و ذلک مما یدل ظاهر الشرع علی اشتراطه».

فصل (وجوب التوبة)

اشارة

التوبة عن الذنوب بأسرها واجبة، بالاجماع، و النقل، و العقل:
أما الإجماع- فلا ریب فی انعقاده. و أما النقل- فکقوله- تعالی-:
وَ تُوبُوا إلی اللّهِ جَمیعاً أیُّها الْمُؤْمنُونَ لعلَّکُمْ تُفْلِحُونَ [1]. و قوله- تعالی-: یأیُّها الَّذین

(1) النور، الآیة: 31.

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 55

صيغة PDF

شهادة

الفهرست