responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 274

کان الشیطان یدخل بدله فی قلبک و یفسد توحیدک، ما ذا کنت تصنع؟».
و من حیث إن کل مصیبة إنما هی عقوبة لذنب صدر منه، فإذا حلت به هذه العقوبة حصلت له النجاة من عقوبة الآخرة، کما قال رسول اللّه (ص):
«إن العبد إذا أذنب ذنبا فاصابته شدة أو بلاء فی الدنیا. فاللّه أکرم من ان یعذبه ثانیا». و قد ورد هذا المعنی بطرق متعددة من أئمتنا- علیهم السلام- أیضا، فلیشکر اللّه علی تعجیل عقوبته و عدم تأخیرها إلی الآخرة. و من حیث إن هذه المصیبة کانت مکتوبة آتیة إلیه البتة، فقد أتیت و فرغ منها. و من حیث إن ثوابها أکثر منها و خیر له، لما یأتی فی باب الصبر من عظم مثوبات الابتلاء بالمصائب فی الدنیا. و من حیث انها تنقص فی القلب حب الدنیا و الرکون إلیها، و تشوق إلی الآخرة و إلی لقاء اللّه سبحانه. اذ لا ریب فی أن من أتاه النعم فی الدنیا علی وفق المراد، من غیر امتزاج ببلاء و مصیبة، یورث طمأنینة للقلب إلی الدنیا و أنسابها، حتی تصیر کالجنة فی حقه، فیعظم بلاؤه عند الموت بسبب مفارقته، و إذا کثرت علیه المصائب انزعج قلبه عن الدنیا و لم یأنس بها، و صارت الدنیا سجنا علیه، و کانت نجاته منها کالخلاص من السجن.
و لذلک قال رسول اللّه (ص): «الدنیا سجن المؤمن و جنة الکافر». فمحن الدنیا و مصائبها و ریاضاتها توجب انزعاج النفس عنها، و التفاتها إلی عالمها الأصلی، و تشوقها إلی الخروج عنها إلیه و رغبتها إلی لقاء اللّه و ما أعد فی الدار الآخرة لأهلها.
فان قلت: غایة ما یتصور فی البلاء أن یصبر علیه، و أما الشکر علیه فغیر متصور، إذ الشکر إنما یستدعی نعمة و فرحا، و البلاء مصیبة و ألم، فکیف یشکر علیه؟ و علی هذا ینبغی ألا یجتمع الصبر و الشکر علی شی‌ء واحد، إذ الصبر یستدعی بلاء و ألما، و الشکر یستدعی نعمة و فرحا، فهما متضادان غیر مجتمعین، فکیف حکمتم باجتماعهما فی المصائب و البلایا الدنیویة؟
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست