فی دعاء عرفة بقوله: «و أنت الذی ازلت الاغیار عن قلوب احبائک، حتی لم یحبوا سواک، و لم یلجأوا إلی غیرک».
تکمیل (الشهود التام هو نهایة درجات العشق)
قد صرح اساطین الحکمة: «ان الأشیاء المختلفة لا یمکن ان یحصل بینها
تشاکل و تآلف تام حتی یحصل بینها الاتحاد و المحبة، و اما الأشیاء
المتماثلة المتشاکلة فیشتاق بعضها إلی بعض و یسر بعضها ببعض، و یحصل بینها
التآلف و الحب و الوحدة و الاتحاد». و التوضیح: ان الجواهر البسیطة
لتشاکلها و تماثلها یحن بعضها إلی بعض فیحصل بینها التآلف التام، و التوحد
الحقیقی فی الذوات و الحقائق، بحیث یرتفع عنها التغایر و الاختلاف، إذ
التغایر من لوازم المادیة. و اما المادیات فلا یمکن ان یحصل بینها هذا
التآلف و التوحد، و لو حصل بینهما تآلف و شوق، فانما هو بتلاقی السطوح و
النهایات دون الحقائق و الذوات، و لیس یمکن ان یبلغ مثل هذه الملاقاة إلی
درجة الاتحاد و الاتصال فیحصل بینها الانفصال. فالجوهر البسیط المودع فی
الإنسان- اعنی النفس الناطقة- اذا صفی عن الکدورات الطبیعیة، و تطهر عن
الاخباث الجسمانیة، و تخلی عن حب الشهوات و العلائق الدنیویة، انجذب بحکم
المناسبة إلی عالم القدس، و حدث فیه شوق تام إلی اشباهه من الجواهر
المجردة، و یرتفع منها إلی ما هو فوق الکل و منبع جمیع الخیرات، فیستغرق فی
مشاهدة الجمال الحقیقی، و مطالعة جمال الخیر المحض، و ینمحی فی أَنوار
تجلیاته القاهرة، و یصل إلی مقام التوحید الذی هو نهایة المقامات، فیفیض
علیه من أَنواره ما لا عین رأت، و لا إذن سمعت، و لا خطر علی خاطر، فیحصل
له من البهجة و اللذة