الذائقة
و الشامة و اللامسة و سائر الحواس الظاهرة، و إن کانت معنی جنسیا شاملا
لجمیعها فالامر ظاهر. و بما ذکر ظهر وجه تعلق الحب بجمیع القوی.
فصل (اقسام الحب بحسب مبادیه)
اشارة
اعلم ان أسباب الحب و مبادیها لما کانت متعددة مختلفة فینقسم الحب لاجلها علی أقسام:
الأول- حب الإنسان وجود نفسه و بقاءه و کماله،
و هو أشد اقسام الحب و اقواها، لان المحبة إنما تکون بقدر الملاءمة و
المعرفة، و لا شیء أشد ملاءمة لاحد من نفسه، و لا هو بشیء أقوی معرفة منه
بنفسه، و لهذا جعلت معرفة نفسه مفتاحا لمعرفة ربه [1]. و کیف لا یکون حب
الشیء لذاته أقوی المراتب، مع أن الحب کلما صار أشد جعل الاتحاد بین المحب
و المحبوب أوکد و أبلغ؟ و أی اتحاد أشد من الوحدة و رفع الاثنینیة بالمرة،
کما بین الشیء و نفسه، فالمحب و المحبوب واحد، و سبب الحب غریزة فی
الطباع بحکم سنة اللّه: و لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدیلاً [2]. و
معنی حبه لنفسه کونه محبا لدوام وجوده، و مکرها لعدمه و هلاکه، فالبقاء و
دوام الوجود محبوب، و العدم ممقوت، و لذا یبغض کل أحد الموت، لا بمجرد ما
یخافه بعده، أو لمجرد ما یلزمه من سکراته، بل لظنه أنه یوجب انعدام کله أو
بعضه، و لذا لو اختطف من غیر الم و تعب، و امیت من غیر ثواب و عقاب، کان
کارها لذلک، و کما ان دوام الوجود محبوب فکذلک کمال
(1) کما قال أمیر المؤمنین علیه الصلاة و السّلام: «من عرف نفسه فقد عرف ربه». (2) الأحزاب، الآیة: 62. الفتح، الآیة: 23.