اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 99
لفظة «على»،
نهجيّة أي على النهج الّذي أراد و قوله: «من الثقلين» بيان ل «ما» في قوله: «ما
أراد ابتدائه» و «ما أراد إنشائه» كما أنّ الجنّ و الإنس بيان له.
و «الابتداء»
و «الإنشاء» متقاربان: و هو جعل الشيء أوّل مرّة من دون أن يسبقه امر. و يمكن أن
يكون الأوّل، إشارة إلى الوجود النفسي و العالم المتوسط المثالي بناء على أن يكون
المراد بالإرادة هي المشيّة كما ورد في بعض الأخبار [1]. و المشيّة
إنّما هي تتحقّق في المرتبة النفسيّة. و الثاني، إلى الوجود الكونيّ إذ الإنشاء
بمعنى الإظهار.
و اعلم، انّ
هذا المعنى بالنسبة إلى الكلّ، موجود بعينه كما في الصحيفة السّجاديّة: «كلّ نعمك
ابتداء» [2] و تحقيق ذلك من علم الرّاسخين و لنشر إلى لمعة منه لمن
كان أهله:
فاعلم، أنّ
الأشياء سواء كانت في وجوداتها العقليّة أو النفسيّة أو الكونيّة، فهي بالنّظر إلى
جاعلها القيّوم لا يتقدّم شيء منها على صاحبه، بل كلّها بالنظر إليه سواسيّة و
إلّا اختلفت نسبته عزّ شأنه إليها و ذلك ممتنع عليه جلّ مجده. و إنّما التقدّم و
التأخّر و السابقية و المسبوقيّة لها بالنظر إلى أنفسها بل العوالم الثلاثة [3] الشريفة
بالنظر إليه جلّت آلاؤه، ليس واحد منها بأقدم على الآخر بل كلّها بالنظر إليه [4] في مرتبة
سواء كما قال عز من قائل: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى[5] و في
[1] .
اصول الكافي، كتاب التوحيد، باب المشيئة و الإرادة حديث 1 و 2 و 3، ص 150؛ التوحيد
للصّدوق، باب المشيئة و الإرادة، ص 336/
[2] .
الصحيفة السجادية، الدعاء 12، في الاعتراف و طلب التوبة و فيها: «كلّ نعمتك
ابتداء».