اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 92
و ذلّ في الآخرة
و الأولى. و قوله عليه السلام: «عنه» متعلّق «بتجبّر» [1] و المعنى:
ثبتت [2] الذّلة لمن
ادّعى التجبّر متجاوزا عن اتّباع الله و عن الاعتقاد بأنّ السلطان للّه وحده. و لو
كان ذلك لأحد، فانّما هو أيضا من نعم اللّه جلّ مجده ليميّز الخبيث من الطّيّب [3] و لو أعجبك
كثرته. و في بعض النّسخ «غيره» بدل «عنه» فيكون «غير» للاستثناء و معناه واضح.
و بالجملة،
فذلّة الدّنيا و الآخرة ثابتة لمن تجبّر عنه و عن رضاه: أمّا ذلّة الدنيا فانّه و
إن رأى نفوذ مشيّته في بعض أموره، و اتّباع الخلق إيّاه في غروره، و يسمع خفق [4] النّعال
خلفه، و كثرة الرّجال عن يمينه و يساره، فانّه قد يعجز عن دفاع أدنى بليّة يصل
إليه، و قضيّة نمرود ممّا لا تخفى على أحد، و سينصرف الخلق عنه في أقلّ زمان كما
يرى من تغيّر الدّولات في الأزمان؛ و أمّا في الآخرة، فسيكشف الغطاء فيرى أنّه ليس
له من نفسه سوى الفقر و المسكنة و العدم و فقدان النعمة و أنّ الكلّ من نعم اللّه
حيث استدرجه بها [5]. و يرى أيضا براءة التابعين من المتبوعين [6] حيث حكم
اللّه لهم كلّهم بالنّار و عذابها.
و من البيّن
انّه كيف يجوز للمخلوق الّذي لا يملك لنفسه ضرّا و لا نفعا، ان
[5] . الاستدراج هو الاستصعاد او الاستنزال
درجة فدرجة (راجع: تفسير الميزان، ج 8، ص 346 ذيل تفسير آيات 180- 186 سورة
الأعراف و تفسير مجمع البيان، ج 4، ص 775.