اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 735
بالبال في فهم
هذا الّذي هو خير المقال بعد كلام اللّه المتعال انّ الطوائف الّذين أوجب اللّه
قتالهم و الجهاد معهم في الظّاهر مع اختلاف آرائهم و عقائدهم يجمعهم كلّهم القدر
المشترك بين الكفر و الشرك، و هو العدول عن دين اللّه و الميل عن الطريق المستقيم
الّذي ارتضاه فذكر عليه السلام في «الجهاد الأكبر» على محاذاة الطائفتين اللّتين
في «الجهاد الأصغر»، «النفس» و «الهوى»؛ فالنفس الأمّارة بالسوء، هي الكافرة
باللّه و الأهواء المغوية المردية، هي المشركة به [1] تعالى:
و أمّا
الأول[4]، فلأنّ النفس و المراد بها الرّوح الّذي هو من
عالم الأمر، حيث هبطت الى العالم السّفلي و انطبعت في المواطن [5] العنصري حتى
كأنّها صارت طبعا و هي لأجل ذلك الهبوط و الانطباع نسيت عالمها و ما فيه من الحسن
و البهاء و الخضوع للّه عزّ و علا و ذهلت عمّا أخذ منها من المواثيق و عقد عليها
من العقود فكفرت بأنعم اللّه تعالى حيث أخفتها و أنكرتها لأنّ الكفر في الأصل هو
الإخفاء كما قد عرفت مرارا.
ثم انه صلوات
اللّه عليه لمّا ذكر أوّلا ما يجب قتاله لفتح أبواب الملكوت بيّن ثانيا الشخص
المجاهد و هو القوة العقلية المستنيرة بنور اللّه المقتبسة من مشكاة النّبوة و
الولاية ثم ذكر ثالثا السّلاح و الآلة لهذا القتال و الجهاد و هو «الجهد» و
«الاستكانة» و غيرهما ممّا ذكر في هذه الرواية.