و يظهر [2] من إيراد
لفظ «الوقوع» أنّ الإدراك الخياليّ، إنّما هو بوصول [3] النفس إلى
الشّيء المدرك بقوّتها الوهميّة لا بأن يحصل في النفس صورة منه، كما يراه أكثر
العلماء؛ و كذلك سائر الإدراكات من الحسّيّة و العقليّة عند أهل المعرفة، إلّا انّ
التفاوت انّ «الإحساس»، إنّما هو بوصول النفس و وقوعها على ظاهر الشيء؛ و
«التخيّل»، انما هو بوقوعها على مثاله الشّبحيّ- لست أعني بذلك عالم المثال، بل
أريد نحو تجريد من عالم الشهادة-؛ و «التعقّل»، إنّما هو بوقوعها على ذاته
العينيّ [4] و انّ كلّ ذلك بقوّة واحدة للنفس بمعنى انّها يدرك
المعقولات بنفس ما يدرك به المحسوسات و المتخيّلات؛ و كذلك يسمع بعين ما يبصر،
لكنّ التّعدّد إنّما هو في الآلات فانّ مظاهر إدراكاتها و آلاتها متعدّدة لكن عند
إدراك الجزئيات المحسوسة كأنّها تخرج [5] من ذاتها نحو آلتها كما أشير إليه في
هذه الخطبة بلفظ «الوقوع» و عند إدراك المعقولات يرجع إلى ذاتها و إن كان يعلم كلّ
الأشياء- كلّيّاتها و جزئيّاتها- من ذاتها لأنّ ذاتها جامعة لجميع الحقائق من وجه.
و الفرق بين
«التّعقّل» و «التّخيّل» و «الإحساس» على المذهب الحقّ: أنّ الأشياء بالإدراك
الإحساسيّ، مدركة بأعيانها الخارجيّة على ما هي عليه في الخارج من غير تفاوت أصلا؛
و أمّا بالإدراك التخيّلىّ، فمدركة كذلك إذا كانت صادقة، لكن لا يلزم هذا النحو من
الإدراك أن يدرك النّفس الأشياء المتمكّنة- كالأجسام