اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 678
المنقول عن جدّه
سيّد الأنبياء صلوات اللّه عليه و آله و عليهم: بانّ المراد من كون الصّوم جنّة هو
انّه سرّ من آفات الدنيا حيث انّ الارتياض البدني يحفظ الشخص من الأمراض و الأسقام
فكأنّه حمية من مضارّ الأغذية و الأشربة التي وقعت في عرض العام المولّدة للمواد
الغليظة التي لا يتحلل الّا بالارتياض التام.
و كذا، هو
حجاب من عذاب الآخرة حيث امتثل أمر اللّه و استسلم حكم اللّه فوجد مسّ الجوع و
العطش و زكت نفسه و ذلّت و أطاعت للّه وحده فيثاب بكل ذلك و يبعد عن النار و أهوال
يوم القيامة.
و أيضا، يكون
دليلا على شدائد الآخرة فيحترز بذلك الخوف الحاصل من الصيام، عن ارتكاب ما يوجب
الجوع و العطش في دار المقام.
و أيضا،
تنكسر بسبب الصوم شهوته فلا يقرب من المحرّمات كلّ القرب، و يعلم حال الفقير من
شدّة الجوع و المسكنة فينفق في سبيل اللّه تعالى و يكتسب الثواب و الزلفى و الحجاب
من شدائد الدار الأخرى، الى غير ذلك من منافع الدنيا و العقبى.
قوله عليه
السلام: «فإذا صمت» اي إذا صمت الصيام الظاهر- من الإمساك عن المطاعم و المشارب و
المناكح فانو الصوم الباطن، بأن تكفّ نفسك عن كلّ ما يشتهي نفسك مما ليس يقرّبك
الى اللّه ف إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ[1]؛ و كذا تقطع
همّتك أي ما هو مقصودك أو قصدك عن خطرات ما سوى اللّه، فانّها خطرات الشيطان؛ و
انزل نفسك أي باطنك مريضا من رذائل الأخلاق و فواسد الأخلاط بحيث لا تشتهي طعاما و
لا شرابا كما عليه المرضى متوقعا في كلّ لحظة شفاءك من مرض الذنوب؛ و طهّر بهذه
الحمية باطنك من كلّ كدر يحصل من أغذية الآراء الباطلة و الخطرات الشيطانيّة و من
كلّ غفلة عن ذكر اللّه و عن كلّ