اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 666
شعارهم دون غيرهم
صدق وليّ اللّه و ابن رسوله.
أقول: قد
بيّنا لك، بل و من المستبين عندك: انّ في الإنسان سنخا من المعدنيّات و هو جسمه
لما ورد: من أن المؤمن أعزّ من الكبريت الأحمر بل هو الكبريت الأحمر، و كذا فيه
سنخا من النبات كما قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:
«أكرموا
عمّتكم النخلة فإنّها من بقية طينة آدم»، و سنخا من الحيوان كما ورد في وصف
المؤمن: أنه الجمل الأنف إن قيد انقاد. فقوله عليه السلام: «على كلّ جزء من
أجزائك» إشارة الى جزئه المعدنيّ و قوله: «بل على كلّ منبت شعر»، ايماء الى جزئه
النباتي و قوله: «بل على كلّ لحظة من لحظاتك» إشعار الى جزئه الحيواني و أمّا قوله:
«واجبة للّه» فالمراد بالوجوب:
إمّا العقلي
المحض فانّ العقل يحكم بأنّ شكر المنعم واجب و أنّ شكر كل نعمة، انّما يكون بما
يناسبها مثلا شكر العلم هو بذله للمتعلّمين المستحقّين، و شكر الجاه هو إغاثة
المظلومين و مداركة الملهوفين، و شكر المال انّما هو البذل الى الفقراء و
المساكين. و لأنّ المولى إذا أعطى عبدا من عبيده بل شخصا من أمثاله شيئا من ماله
ليصرفه في مصارف معينة فإنّ العقل يستقبح صرف ذلك في غير المامور به، و لا شك انّ
كلّ ما هو في الإنسان فانّما هو ملك اللّه عظيم الشأن و هو سبحانه أعطى كلّ عضو
لعمل خاص من أمور المعاش و المعاد، فصرفه في غير ذلك، ممّا لا يجوز لأرباب
الرّشاد؛
و إمّا أن
يكو المراد الوجوب الشرعي فحينئذ يكون مختصّا بعباده المخلصين لا جميع المكلّفين،
كما يشعر بذلك قوله عليه السلام في آخر الخبر: «و هو شعارهم دون غيرهم» و ذلك لأنّ
لطوائف العباد أحكاما مختلفة حسب ما يقتضيه الأزمنة و الأمزجة بل لكلّ موجود
تكليفا يناسب مرتبته و يوافق درجته، أ ما سمعت أنّ «حسنات الأبرار سيئات
المقرّبين» و قد كان وجب لرسول اللّه صلّى
اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 666