اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 620
ظهرت الرّبوبيّة
بتجلّي المرتبة الإلهية السابقة بنفسها لنفسها على نفسها، فصار عليّ إمام العالمين
و نور السّماوات و الأرضين و تعلّمت الملائكة منه العلوم، و قام كلّ بأمره في مقام
معلوم، و صاروا بإذنه يعلمون و لا يعصون و يفعلون ما يؤمرون، الرّحمن الّذي تجلّت
جوهرة الرّبوبية فظهرت العبودية فصار عليّ مصوّر الأرحام و منبت النّبات و مورق
الأشجار و مثمر الثمار و قاسم الأرزاق و مغيث أهل الوفاق و مهلك القرون من أهل
النفاق، الرّحيم حيث هدى الأنبياء و الأولياء بنور عليّ من الظّلمات و نجّاهم من
البليّات و تفضّل على فقراء الأمّة المرحومة بأن جعله إماما لهم في الدّنيا و
الآخرة، فصاروا
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[1] و فازوا بالفضيلة [العظمى [2] و فاقوا بذلك] على جميع الأكياس، مالك يوم الدّين حيث جعل نواصي
العباد بيد عليّ في الدنيا و يوم التّناد، و كذا أعمالهم في الدنيا يعرض على
المولى في الصباح و المساء و حسابهم على عليّ في العقبى لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا
بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى[3] و أظهر لهم سلطانه في دار القرار و
جعله قسيم الجنة و النّار، ايّاك نعبد في ولايتنا لعليّ، و ايّاك نستعين حيث
نستعين بهذا الوليّ، اهدنا الصراط المستقيم ثبّتنا على موالاته أو اجعلنا [سائرا] [4] على منهاجه و أوصلنا إليه بأن تجعلنا
من المارّين عليه أو من منازل هذا الصّراط و من قوى ذلك الإنسان أو أرنا نوريّته
حتى نعرفه بالنّورانيّة، صراط الّذين انعمت عليهم من الأنبياء و الأولياء و حيث
عرفوه بالنورانية و كان هو معهم سرّا، غير المغضوب عليهم من الذين غصبوا حقّه و
جلسوا مقامه، و لا الضّالين الذين لم يعرفوه حقّ معرفته.