اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 596
و الجواهر
العقلية المودّعة فيها، فتشمّخت و ترفّعت ثم توجّهت الى العالم السّفل لإظهار ما
استودع فيها من الأنوار طمعا في أن [1] يخلد لها و يملكها أبدا؛ فخانت فيما ائتمنت و جعلها لنفسها، فأقبلت
بوجهها نحو المادّة القابلة لظهورها و عملت في تلك المادّة بأيدي اكتسابها
فصيّرتها موطن ظهورها و مسجد حبورها و انقادت لها حيث عملت على حسب استعدادها، ثمّ
مشت الى أرض الغربة عن موطن الحسن و البهاء و سقطت ما في يديها من الأنوار العقلية
و جواهرها، فرجعت خاسرة و تحسّرت على ما فرّطت في جنب اللّه [2] غفلة و جهالة، فلمّا تداركتها العناية
الإلهية و نادتها
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ[3] أيّتها النفس الغريبة، أمرتها [4]، [5] بأن تغسل هذه الأعضاء الّتي لها
مدخليّة في هذا العصيان بماء العلم بتوحيد اللّه و صفاته و أفعاله، و أنّ الملك [6] للّه الواحد القهار [7]، و أن ليس في الدّار غيره ديّار، و
انّ الكلّ منه و له و إليه، و أن لا منجا من اللّه الّا إليه، فينبغي لكلّ من في
طبقة الأمّة المرحومة التي أكمل اللّه دينه و أتمّ نعمته فيهم أن يغسل وجهه من
التوجه الى عالم الزّور، و يديه ممّا اكتسبت لنفسها من دار الغرور، و يمسح رأسه من
الخضوع لغير اللّه العليّ، و من الكبرياء العارضة لها من النظر الى نفسها و
رئاستها في العالم
[1] .
في أن يخلدها و يملكها: في تخلّدها و تملّكها ن.
[2] .
مستفاد من قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ
فِي جَنْبِ اللَّهِ (الزمر: