اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 585
ثمّ انّ قوله
عليه السلام: «و هو واقف» الى قوله: «و الوعيد به وقع»، إشارة الى مجمل أسرار
«القيام» فإنّ الاستقامة الحقيقة هو أن لا يميل الى الأضداد في الأخلاق. و هذا
مرتبة المؤمنين الكاملين حيث استوى يأسهم و رجاؤهم و أن يصير من الأولياء الأحرار
و ذلك مقام الحرّية، و هو أعلى درجات السالكين.
و لهذا
المقام علامات: قال اللّه عزّ من قائل إشارة الى العلامة الأولى:
لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ[1] و قال جلّ
مجده إشارة الى الثانية: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ[2]. فالاستقامة في المقامين هي الخلوّ عن
الطّرفين و التجرّد عن الوصفين بحيث لا يفرح من وجدان شيء من نعمة أو مدح أو أيّ
شيء يورث الفرح، و لا يخرج [3] من فقدان شيء حصل أو يحصل له.
و بالجملة
استوى بالنسبة الى قاطبة الأمور و يقصر نظره الى نور النّور و أمّا [العلامة]
الثالثة، فمسببة عن الأوليين، إذ عدم الخوف و الحزن و الأسى و الفرح يوجب وقوع
الوعد و الوعيد إذ المنتظر يلزمه أحد هذه الأمور كما لا يخفى.
و قوله عليه
السلام: «بذل عرضه» الى قوله: «و تنكّب إليه المحجّة»، بيان لمقام الرّكوع.
أمّا اللّغة:
فالعرض (بتحريك المهملتين الأوليتين): المتاع أي بذل رأس ماله.
و الغرض:
الهدف و أيضا المقصود و الغاية أي جعل مقصوده من الصلاة نصب عينه و تنكّب: أي مال.
و المحجّة: الطّريق أي مال من كلّ جهة الى اللّه و الخضوع له و المعنى: أنّ
الانحناء في الركوع بأن يخلو بيته كالقوس و يتمثّل [4] له غرضه
ليصيبه