اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 562
قد أشرنا لك فيما
سبق من المقامات الأخرويّة، و نقول هنا أنه قد تقرر في مقرّه من بقاء الأجسام
الطبيعية، و أنّه لا يطرأ عليه العدم بالكلية و إن اختلفت عليها النشآت و تبدّلت
عليها الحالات، إذ ليست تلك الأطوار الّا اختلاف الصّور و الأعراض عليها، و تردّدها
في المواطن و المقامات المعدّة لها، و لا يضرّ ذلك بالحقائق و الذّوات و لا يلزم
منه انقلاب الماهيات.
ثم انّ النفس
من حيث هي نفس لا يخلو عن ملابسة للمادة و معانقة للطبيعة الجسمانية، و قد استحكم
في الأصول البرهانية انّ النفس من حيث هذه العلاقة المادية قد تخصّصت بأشخاص و
تفرّقت في أفراد و أصناف من قبل انطباعها في المادة و بحسب انتقاشها في هذه المرآة
الجسمانية المستلزمة للكميّة التي يلزمها لذاتها التقسّم و التخصّص و يلزم ما
يعرضها [1] و يتعلّق بها بتبعيّتها، فلا يعزب شيء من العالم
الجسماني من إحاطة النفس الكلية، فلا يخلو حصّة من الحصص الجسميّة عن شروق نور من
أنوار هذه النفس الشريفة حتى قيل [2]: انّ هذا العالم موضوع في وسط النفس
الكلية، لكنّها بارزة آثارها في بعض المواد حسب استعدادها لذلك الظهور و في بعضها
كامنة الى يوم النّشور. و البارزة: قد يختلف ظهورها فقد يكون ببعض قواها و قد يكون
بتمامها كاملا و أكمل الى أن انتهى الى أفق العقل، و ذلك لاختلاف القوابل و تفاوت
استعداداتها.
ثم من البيّن
أنّ هذه العلاقة و تلك المساوقة لا ينعدم بتفتّت [3] أجزاء
المادة و تشتّت أبعاضها المتجزئة، و انّما انعدم بذلك ظهور آثارها، و فرق ما
بينهما؛