اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 543
على نوريّة
الجنّة و كونها مستنيرة بنور الرّحمن و على ظلمة جهنّم و كونها بعيدة عن معدن
النّور و الامتنان، كذلك يدلّ على أنّهما واقعتين في العالم الجسمانيّ الخالص عن
شوائب الهيئات الدنيويّة و المشوب بها، لا أنّهما نفس هذه النشأة العنصرية.
و بالجملة،
فالقول بأنّ جهنّم و نيرانها عبارة عن عالم العنصري و الطبيعة المحلّلة للأجساد
المفنية لها كما ذهب إليه صاحب إخوان الصّفاء و غيره، قول بالتناسخ و هو باطل كما
قد فرغ عنه في الكتب العقلية، بل الحق ما أدّت إليه الأصول العقلية معاضدة بالآيات
الكثيرة و الأخبار المستفيضة: و هو أنّ الموت عبارة عن انتقال النفس من هذه النشأة
العنصرية و دخول الى عالم آخر متصل بهذه النشأة بل باطنها و هو العالم المتوسط بين
الدنيا و الآخرة، و انّ الآخرة هو عالم آخر فوق هذا العالم المتوسط، و قد تقرّر في
الموضع اللائق به: أنّ كلّ ما في هذا العالم العنصري من نعيم و جنّات و آلام و
عقوبات و غير ذلك من الحالات فهو مثال و صنم و أنموذج لعالم آخر فوقه، و انّ هذا
العالم الفوقاني عالم الطيف جسماني مملكة للنفس و سلطانها فيه، و كلّ ما في هذا
العالم النفسي فهو شبح و مثال لما في العالم العلوي الذي سلطانه العقل الكلي، فكما
أنّ للجنة مظاهر في هذه العوالم الثلاثة، كذلك للنّار؛ فالدنيا سجن المؤمن [1] و آلامها
نيرانه، و جنّة الكافر و لذّاتها نعيمه. فليس للكافر جحيم في النشأة العنصريّة،
فتدبر؛ إلّا أنّ الجنّة لها ظهور في مواضع معيّنة من الأرض كما أومأنا إليه يعبّر
عنها بأنّها مقام أرواح المؤمنين كظهر كوفة [2] و غيرها، و كذا
للنّار مظاهر في هذه الأرض: ورد أن أرواح الكفار تكون فيها
[1] .
مستفاد من حديث عن النبي: «الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر» (سنن ابن ماجه، ج 2،
كتاب الزهد، ص 1378 حديث 4113).
[2] .
الكافي، ج 3، كتاب الجنائز، باب في أرواح المؤمنين، حديث 1 و 2 ص 243.
اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 543