اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 538
اعلم [1] انّ جهنّم من أعظم المخلوقات و سميت
بها لبعد قعرها يقال: بئر جهنّام (بالتّشديد) أي بعيد القعر، و هي دار حرورها هواء
محترق لا جمر لها سوى بني آدم و الأحجار المتخذة إلها من دون اللّه. و أمّا الجنّ،
فهم لهبها و تحوي على حرور و زمهرير، ففيها البرد على أقصى درجاته و الحرور على
منتهى طبقاته، و بين أعلاها و أسفلها سبعون خمسمائة سنة، و هي سجن اللّه في الآخرة
ليسجن فيها أربع طوائف [2]- كما الجنة، يدخلها كذلك- و هم: المعطلة الملاحدة، و المشركون و
الكافرون، و المتكبّرون، و المنافقون. و أمّا أهل الكبائر من المسلمين، فليسوا من
أهلها المخلّدين فيها، هم يخرجون منها بالامتنان الإلهي و شفاعة النبيّ.
قيل [3]: و انّما
صارت أصحاب النّار أربعة. لأنّ اللّه ذكر عن إبليس انّه يأتي النّاس من بين أيديهم
و من خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم [4]، فيأتي المشرك من
بين يديه لأنّه أثبت مع اللّه إلها آخر، و يأتي للمعطّل من خلفه لأنّ الخلف ليس هو
محلّ النظر و الفكر و هو لم ينظر الى إله للعالم أو من العالم، و للمتكبّر عن
يمينه لأنّها محلّ القوة فيتكبّر لقوّته التي أحسّ من نفسه، و يأتي للمنافق عن
شماله لأنّها الجانب الأضعف و هو أضعف الطوائف لأنه أظهر الإسلام لضعفه و القهر
الّذي حكم عليه.
و أمّا
وجودها [5]، فالحق انّها مخلوقه يعمرها الطوائف الأربع بأعمالهم، و
أنّها خلقت بطالع الثّور، و لذلك كان خلقها بصورة الجاموس.
[1] .
الفتوحات المكيّة، الباب 61، ج 1، ص 297 و الشارح نقل منها بتصرف و اختصار.