اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 438
الأخبار: من أنه
بخلاف الأشياء، فليس المعني بذلك أنه في حدّ أو مرتبة مخالفة لها مقابلة إيّاها،
بل المقصود منه أنّ كلّ شيء فله حدّ خاص و مرتبة مخصوصة بخلافه سبحانه فانه ليس
محدودا بحدّ خاصّ و ليس له مرتبة خاصّة من المراتب، إذ المراتب كلّها منه و لا
يخلو مرتبة من المراتب عنه و هو رفيع الدّرجات و غاية الغايات. ثمّ إنّ تمكّنه
سبحانه- أي استيلائه على ما دقّ و جلّ من الأشياء على ما هو ظاهر من التمكّن، أو
معيّته للأشياء على ما يقتضيه تناظر قوله: «فارق الأشياء» و المآل واحد ليس على
نحو الممازجة و المخالطة بل على نحو استهلالك الكلّ لديه و تلاشيه عنده، فهو
الظاهر فيها و الباطن و هو الأوّل لها و الآخر و بالجملة، هو عبارة عن ظهوره تعالى
في المجالي و رؤيته نفسه في المرائي فهو الرائي و المرئي و المرآة.
و ليعلم، انّ
الأداة في العلم هو ما به يتوصّل الى إدراك الشيء سواء كان ذلك قوة من القوى
المدركة أو غيرها و سواء كان ذلك الغير أمرا غير نحو وجود المعلوم من الوسائط و
الشرائط أو نحو وجود المعلوم- سواء كان وجودا عينيا أو ظليّا على القول به- لأنّ
جميع ذلك يصدق عليه أنّه لولاه لم يحصل العلم، على ما أشار إليه قوله عليه السلام
في الجملة التي أوردها لتوصيف الأداة حيث قال:
«لا بأداة لا
يكون العلم الّا بها». قوله عليه السلام: «و ليس بينه و بين معلومه علم غيره»
كالتوضيح للجملة السابقة، لأنّ العلم هو الانكشاف و ما به انكشاف الشيء: إمّا نفس
ذات المعلوم كما للمباديء العالية بل لكافة العلماء- على ما يراه أستاذنا [1] طاب ثراه- و
إمّا مثاله المطابق له في ماهيته- على ما يراه أكثر المتأخرين- و إمّا ذات العالم؛
فعلى الأوّلين يكون العلم و المعلوم متغايرين بالحقيقة و كلاهما ممتنعان على اللّه
لأنّهما يستلزمان الاحتياج و إن كان الى وجود الشيء المعلوم، و أمّا على الأخير
فالعالم و العلم و المعلوم واحد لأنّ انكشاف الشيء للعالم به إذا
[1] .
و هو المولى رجبعلي التبريزي، استاذه في الحكمة.
اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 438