اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 430
الدنياوية الّتي
هي مرتبة الخلط و الامتزاج منهما، طبيعتها طبيعة مشحونة بالشرور و الخيرات ممتلئة
من الماء المالح و الفرات، و اقتضت العناية الإلهية أن يغلب الحقّ على الباطل و
يسبق الرّحمة على الغضب و جرت سنّة اللّه الّتي لا تبديل لها بأنّ كلّ ما هو سابق
في العناية فهو متأخّر الوجود في النشأة الكائنة كما الأمر في الإنسان بالنظر الى
سائر الموجودات و في تفاوت أفراده خسّة و شرفا الى ما لا أشرف منه كذلك، فمن ذلك
سبق الوجود الكونيّ للبواطل و الشرور على الحقوق و الخيرات ليحق اللّه الحق و يبطل
الباطل [1] بكلماته وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ
زَهَقَ الْباطِلُ[2]، فلذلك جرى
الأمر على أنّه إذا ملأت الأرض ظلما و جورا [3] جاء اللّه بحق يبطله كما ورد [4] في علة خلق آدم أنّه بعد فساد الشياطين و الأبالسة في الأرض و الظلم
و الجور فيها خلق اللّه آدم لإرعابها و خراب بنيانها الباطلة فيها، و كذا الأمر و
مجرى السّنة في كلّ نبيّ و وصيّ و وليّ فيكون بظهوره ترعب أبالسة زمانه و
الشياطين، و بجهاده يقتل بعضهم و يقيّد بعضا و يعذّب آخرين، و بهذا الّذي قلنا
صرّح قوله تعالى:
جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً[5]. و ممّا يجب أن تعلم انّ قوة كلّ نبي
انّما هو بحسب ما يغلب على شياطين زمانه و أبالسة أوانه، و لا شك انّ النشأة
الدنياوية كلّما مضت فيها الدّهور تكثّرت البواطل و الشرور، حسب تلاحق أوهام
شياطين الإنس و الجنّ و تظاهرها و ازديادها يوما فيوما، فعلى هذا يكون الشياطين
الّذي الإنس و الجنّ و تظاهرها و ازديادها يوما فيوما، فعلى هذا يكون الشياطين
الّذي