اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 408
و «المنيع»:
الّذي لا يصل إليه الأيدي في رفعته. و «الذّروة» (بالضمّ و الكسر) [1]:
الأعلى من
كلّ شيء. و «الأرومة» (بالفتح و الضم): الأصل. و كلمة «من» في قوله: «من أمنع»
للبيان: أي هذا المحتد و ذلك المنبت ليس من السفليّات إذا نسب الى العالم، و كذا
ليس من الأسافل إذا نسب الى آدم، فمعدنه من العالم معدن الذّهب الّذي خلق من نور
شمس عظمة اللّه، إذ له الولاية المطلقة الّتي هي معدن الذهب؛ ففي الخصال [2]، عن جابر بن
عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أول ما خلق اللّه نوري،
ابتدعه من نوره و اشتقّه من جلال عظمته، و معدنه من آدم معدن الفضّة الّتي خلق من
نور قمر جمال اللّه، إذ له النبوة الكلية الّتي هي معدن الفضة؛ و أمّا من بني آدم
فمعدنه من بني عبد المطلب سكنة بيت اللّه و حجبة حرم اللّه ذوو الشرف الأصيل و
الكرم النّبيل. و أمّا منبته الأفضل، فسيجيء عند بيان قوله: «في حرم انبتت» و
امّا وجه بيانية قوله: «من امنع ذروة»- الى آخره للمنبت و المعدن، فلأنّ المعادن
الجسمانية إنّما يكون في الأرض و في ثخنها و في المكان البعيد من الشّمس الحسيّة،
بخلاف المعادن الرّوحانية فإنّها في السماوات العقلية التي كلّ واحدة منها أرض
بالنظر الى ما فوقها- كما في الخبر- و في محيطها و قريب من الشمس الحقيقية [3] إذ الشمس
المعنوية على المركز من تلك السّماوات الرّوحانية إلّا انه ليس بين المركز و
المحيط منها أبعاد مساحيّة بل المركز و المحيط واحد بالحقيقة. و إنّما هاهنا بطون
و ظهور و علّة و معلول. و أيضا الأشجار الجرمانية يكون أصولها الثابتة انّما هي في
الأرض و فروعها في السماء و أمّا الشجرة الروحانية فأصلها ثابت في الذّروة الأعلى
و أغصانها متدلّية الى الأرض