اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 397
احتياجها و
استغناؤه نفس استغنائها، فيلزم أن يكون الطبيعة علّة لنفسها فيجب أن يكون غير تلك
الطبيعة علّة لها أو لفردها، و غير الممكن هو الواجب؛ فظهر أن لا فعل لشيء من
الأشياء الّا باللّه سبحانه و تعالى. و إلى ما قلنا أشار من قال: «كلّ ما فيه معنى
ما بالقوّة، فهو لا يكون مفيدا للوجود» و كذا يتصحّح منه قول أرباب الحكمة من أن:
«لا مؤثّر في الوجود الّا اللّه»؛ فتثبّت.
و الثّاني من معنيي
توحيد الأفعال هو أنّه مع كون الفاعل واحدا بالبيان المذكور، فالفعل أيضا واحد و
هو أجدر بأن يكون المراد من هذا التّوحيد، فإنّ الأول كأنّه مفاد توحيد الذّات و
الصّفات المتقدّمين على هذا التوحيد. بيان ذلك:
أنّه قد تحقق
بهذا البيان أنّ الفاعل في الكل واحد، و ثبت أيضا في مقرّه انتهاء محرّكات المواد
و الموضوعات الى محرك أوّل لا يتحرك، و لا ريب أنّ هذا الفاعل الواحد المحرّك للكل
انّما فعله في مادة كليّة واحدة، إذ الموادّ المتكثرة إنّما يستند تحريكها الى
فواعل مختلفة فكما ينتهي تلك الفواعل الى فاعل قديم و محرّك أوّل كذلك ينتهي المواد
الى مادّة واحدة يحاذي ذلك المحرّك الواحد الأوّل، و من المستبين في المباحث
العقليّة و الشواهد النقليّة أنّ هذا الفاعل الّذي هو المحرّك الأول ليس له تجدّد
حال و إلّا لم يكن محرّكا غير متحرك، ثمّ من المبرهن انّ الفاعل الواحد انّما يفعل
في القابل الواحد فعلا واحدا بسيطا، و هاهنا الفاعل بسيط و المادة بسيطة أيضا
فالفعل واحد و ليس هاهنا تجدّد حال حتى يتكثّر، فجميع الأفاعيل و التحريكات من
الأزل الى الأبد فهي فعل واحد و حركة واحدة، لكن التكثّر و التجدّد إنّما هي
بالنسبة إلينا و بقياس بعض تلك المتحرّكات الى بعضها لكونها واقعة في سلسلة
الزّمان حادثة بالتجدّد و السّيلان، و اعتبر ذلك في خيط طويل عليه أنواع الأشياء
بالترتيب، و بكلّ واحد يتعلّق أشياء أخر الى ما [لا] يحصى فإنّ المبدأ المحرّك له
إذا حرّكه حركة واحدة، يتحرّك جميع ذلك
اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 397