اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 391
الصفات بالمعنى
الذي قلنا. و تحت هذا سرّ مكنون لا رخصة في إفشائه أكثر مما ذكرنا. إذا دريت ذلك،
ظهر [1] معنى سببية [2] البقاء لإحاطته تعالى بجميع الأشياء
بطريق أشرف و أعلى.
و أمّا
بيان الجملة الثالثة و تسبّبها عن قدمه عزّ شأنه، فاعلم أنّ الإحصاء هو
التعداد سواء كان ذلك عن علم و شعور أو لا حتى انّه يصح أن يقال للمكان بالنسبة
الى المكانيّات المتواردة عليه انّه أحصاها و كذا الزّمان بالنظر الى الزّمانيّات
الحادثة فيه؛ نعم انّما يفتقر الإحصاء الى صفة العلم لا في نفس مفهومه، بل في
كماله؛ و لهذا فرّع عليه السلام إحصاء اللّه للأشياء على قدمه تعالى، و إن كان
أحصاها علمه تعالى أيضا.
بيان ذلك،
أنّ القديم الذي لا بداية له و لا نهاية يكون بالنظر الى الموجودات المبتدئة،
سيّما ما وجودها عنه و رجوعها إليه كخيط يحاذي ألوانا مختلفة لا كلّا، بل كسلك
يعرض كلّ جزء منه لون أو كسمط ينسلك فيه جواهر و للّه المثل الأعلى من هذا في ذلك،
إذ ليس هاهنا امتداد و لا عروض و لا محاذاة، بل الكلّ هالك لديه، فان عن أنفسها
فيما بين يديه، لكن يمكن أن يفهم اللّبيب من هذه النّسب المقدارية ما ينبغي لكرم
وجهه و عزّ جلاله؛
و أمّا
بيان الجملة الرابعة و تعقيبها عن القدرة، فممّا دريت أن القدرة المطلقة و
القوة المرسلة هي الّتي لا يتلقّاها ركبان الماهيّات من المواد الثلاث و أحكامها،
إذ الموجب (بالكسر و الفتح) لا يخلو عن اضطرار ما كما أشرنا إليه [3]، و الممكن
له الشيء محتاج الى مرجّح أو داع أو باعث- الى غير ذلك، و الممتنع عنه الشيء