اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 386
لا يشذّ عنها
شيء يحتاج الى أمر خارج عن طبائعها، باق بنفس ذاته لا بالبقاء، و بالجملة
فالموصوف بالبقاء أي الباقي بصفة البقاء، إنما كتب في ناصيته الزّوال لأنّ ذلك له
من غيره و كلّ ما بالغير فانّه في عرضة الزّوال و يدلّ على ما بالذّات؛
و الثاني، أن زوالها
بمعنى هلاكها الذاتي و ليسها السرمديّ، يدلّ على بقائه عزّ شأنه، و بيانه، أن قد
تحقّق في مظانّ التحقيق أنّ الأشياء بأنفسها ليس و بفاعلها أيس و اللّيس الصرف لا
يصير أيسا و الّا لزم الانقلاب، فأيسها انّما هو ببقاء تجلي جاعلها بأطوارها فكلّ
يوم هو في شان من شئونها. و سرّ ذلك التجلّي هو [1] أن يتعرّف
الى كلّ شيء حتى لا يبقى شيء إلّا و له حظّ منه سبحانه و من معرفته. و في دعاء
عرفة لسيد الشهداء صلوات اللّه عليه و على آبائه و أبنائه: «إلهي علمت من [2] اختلاف
الآثار و تنقّلات الأطوار أن مرادك من أن تتعرف الي في كلّ شيء حتى لا أجهلك في
شيء» و قال: «تعرفت الى كلّ شيء فما جهلك شيء» و ستطلع- إن شاء اللّه- على
البرهان على ذلك. فظهر أنّ هلاك الأشياء و ليسيّتها، يدلّ على بقاء الذات المتجلّي
فيها، المترائي بها، المتطوّر بأطوارها.
و الثالث، أنّ زوالها
الآتي و تجدّدها السّيلانيّ، انما يدلّ على بقاء حقيقة وحدانيّة فيها متقلّبة لها
كيف يشاء، كما يراه أكثر محققي أهل العرفان، و عندي: انّ ذلك مما يمكن أن يصحّح في
الكيانيّات الّتي لا يخلو من الطبيعة الجسمانية السّيالة الّتي لا ينفكّ في آن عن
حركة ما- أيّة حركة كانت- و لا ريب أنّ الحركة هي نفس عدم القرار في طور من
الأطوار مع ما يرى من ثبات ما و استقرار، فدلّ سيلانها على قرار ما يحرّكها
لانتهاء الحركات الى محرّك لا يتحرك بالضرورة قال تعالى: وَ تَرَى
الْجِبالَ تَحْسَبُها