اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 352
الخلق لا من
شيء. بيان ذلك: انّ كل ما هو ذاته و وجوده قائما [1] في شيء فذاته و وجوده و كونه عنه كما
انّ إمكانه و وجوبه عنه؛ و أمّا ما لا يكون ذاته قائمة في شيء فليس ذاته و كونه
عنه، و لا إمكانه و وجوبه عنه، بل إمكانه و وجوبه أي اقتضاء وجوده لأن يصدر عن
فاعله انّما هو من نفسه و «الماء» الّذي هو المادة لجميع المكوّنات كذلك، فلا يكون
كونه عن شيء بل هو موجود بفاعله لا عن شيء إذ فوقه هو فاعله و الفاعل بذاته لا
يكون علّة الكون إذ علّة الكون حامل لإمكان الشيء و وجوبه و محل لوجوده و الفاعل
بذاته يمتنع أن يكون كذلك؛ ثم انه لمّا كان من البيّن استحالة كون الشيء عن لا
شيء، لم يتعرض الإمام عليه السلام لبيان استحالته و ذكر امتناع كون مبدأ الكون عن
شيء بقوله:
و لو خلق
الشّيء من شيء اذا لم يكن له انقطاع ابدا، و لم يزل اللّه اذا و معه شيء.
و الحاصل انّ
شقوق إيجاد غير المكون ثلاثة و السّائل ذكر منها اثنين و أجاب الإمام عليه السلام
باختيار الثالث و أبطل القسمين اللّذين ذكرهما السّائل و أحال واحدا منهما الى
الظهور، لبداهة استحالته و ذكر إبطال ثانيهما بلزوم التسلسل المستلزم لأن يكون مع
اللّه شيء في أزله، لأنه إذا كان الإيجاد بأن يكون شيء عن شيء و هكذا، من دون
أن يكون ينتهي الى شيء موجود بالجعل البسيط المتعلّق بعلل قوامه و نفسه ماهيّة،
لم يكن ينقطع الأمر الى علّة القوام و الى الفاعل الّذي هو فاعل الذات بذاته،
فيكون لم يزل اللّه و معه شيء، و قد ثبت انتهاء العلل الكونية و القواميّة كلّها
الى فاعل بذاته، إذ المادة لمّا لم يكن ذاتها و وجودها قائمة في شيء فيكون
إمكانها و وجوبها أي اقتضاؤها لأن يوجد من فاعلها عن ذاتها إذ هي قابلة محضة
فيحتاج الى فاعل، ففاعلها: إمّا فاعل بالذات، و هو أن يكون