اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 34
السلام، انّ أهل
التوحيد إنّما يتألّمون بخروجهم من النّار. و وجه ذلك؛ انّ الخروج إنّما يكون عند
ما يتخلّصون من أثر القبائح و الذّمائم، فحينئذ يستشعرون بما يخالف الحالة الأولى.
و ليس «الألم» إلّا إدراك المنافر فقبل الخروج، كانت تلك الحالة ملائمة لهم بسبب
رسوخ الأخلاق الذميمة و آثار الأعمال القبيحة في أنفسهم [1] و إن كانت منافية لاعتقاداتهم؛ لكن
لغلبة الآثار الّتي هي نتائج هذه الذّمائم و القبائح، لم يستشعروا بها من حيث
المنافرة. و حين التخلّص منها استشعروا بها؛ فصحّ انهم لا يعذّبون بالنّار و إنّما
يتألّمون بالخروج منها [2].
وجه آخر، انّهم
بخروجهم [3] من النّار و دخولهم الجنّة الّتي اعدّت [4] لهم و
استعدّوا لها، اطّلعوا على ما فاتهم من جنّة نعيم الأعمال و الأخلاق و جنّات أخرى
لسائر الاعتقادات الحقّة فيتألّمون بذلك الفقدان إلى أن تتداركهم [5] العناية
الإلهيّة.
و أيضا، لمّا كانوا
من أهل التوحيد الخالص، التذّوا بكلّ ما حكم به عليهم ربّهم،- حيث كانوا يطلبون
رضا مولاهم و يرون نعمته و لطفه في كلّ ما يصل إليهم- فإذا فارقوا حالة البلاء
بالخروج من النّار، حسبوا انقطاع هذه الرّحمة
و
النار عند قوله: «و اعتقادنا في النار»: «و روي انّه لا يصيب احدا من أهل التوحيد
ألم في النار إذا دخلوها و انّما يصيبهم الآلام عند الخروج منها فتكون تلك الآلام
جزاء بما كسبت أيديهم و ما اللّه بظلام للعبيد» (رسالة الاعتقادات طبع حجري 1370
ه، ص 90).