اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 322
سبحانه أجلّ من
أن يغتذي بشيء و يستكمل به؛ إذ التغذية الّتي هي نحو من القابلية من لوازم
الإمكان و من سمات النّقص و الفقدان بل هو الخلّاق الرزّاق الفيّاض [1] على الموادّ الإمكانية ما يقتضيها من
الاستكمالات الذاتية و يغتذي بها من الصّور المفارقة و المادية.
المبحث
الثالث- في ذكر الدليل الثاني على انّ اللّه جلّ جلاله ليس له غذاء و لا
يكمل بشيء من الأشياء.
اعلم انّ سرّ
اختصاص الجسم بالغذاء- مع انّه ظهر في المبحث الثاني ان كلّ شيء فله غذاء يرزقه
اللّه برحمته- هو انّ كلية الجسم هي عرش اللّه العظيم و ما من صورة من الصور
العالية و الأنوار العقلية الّا و قد ظهر في هذا الجسم ظهورا يعرفه أهل الأذواق،
ففي العرش مثال كل شيء و «لكل مثل مثال» [2] ألا يا مسكين! إذا
نظرت في هذا الجسم بعين التدبّر و التدرّب وجدت كل ما فيه انت تطلب قال اللّه
تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ[3] و قال: «انّ
في السّماوات و الأرض لآيات للموقنين» [4] و قد ورد في الخبر:
«انّ حملة
العرش أربعة من الملائكة: واحد على صورة الإنسان يسترزق اللّه لبني آدم، و واحد
على صورة الثور يسترزق اللّه للبهائم، و واحد على صورة الأسد يسترزق اللّه
للسّباع، و الرابع على صورة الديك يسترزق اللّه للطيور» [5].