اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 318
كما ترى من أكثر المنتحلين
لطريقتهم عليهم السلام، لقول بعضهم بعينيّة الصّفات، و طائفة بزيادتها، و ثالثة
بأن لا هو و لا غيره و لم يعلموا أنّ هذا الحكم أيضا من وصف اللّه بما لا يوصف به،
نفسه به و لا الراسخون في العلم يقولون به، كيف؟ و قد دريت من أوّل هذا الباب و
ستعلم في الأبواب الأخر أنّهم عليهم السلام ينادون بأعلى صوتهم باختلاف المعنى و
اشتراك الاسم سيّما في هذا الخبر الّذي يخاطب فيه فتح بن يزيد و القوم يأوّلون كلّ
ذلك بمقتضى هوساتهم و بما يوافق أصول اعتقاداتهم! أعاذنا اللّه من سوء العقيدة و
ممّا يسخط خالق البريّة!.
و أنّى يوصف
الّذي يعجز الحواسّ أن تدركه و الأوهام أن تناله و الخطرات أن تحدّه و الأبصار من
الإحاطة به؟! جلّ عمّا وصفه الواصفون و تعالى عمّا ينعته النّاعتون!.
ذكر
«الأبصار» بعد «الحواس» لكمال العناية، حيث ذهبت فرق كثيرة بأنّ اللّه يمكن أن
يرى. و لعلّ المراد ب «الأوهام»، العقول بقرينة النيل لأنّ العقل ينال الشيء و
يصل إليه و المراد ب «الخطرات»، الإدراكات النفسية المشوبة بلوازم المادّة بقرينة
«التحديد». و بالجملة، في هذا الكلام دلالة صريحة على أنّ الموصوف يجب أن يدرك
بأحد المشاعر الظاهرة أو الباطنة أو العقل الصّريح و اللّه سبحانه لا يدركه الحواس
و لا تحدّه النفوس و لا تناله العقول! و قد مرّ بيان ذلك مرارا.
ناء [1] في قربه،
قريب في نأيه، فهو في نأيه قريب، و في قربه بعيد كلمة «في» يحتمل السببيّة في
المواضع الأربعة فيكون المعنى أنّ اللّه تعالى بعيد بسبب قربه، كما أنه قريب بسبب
بعده، فهو بسبب بعده عن مجانسة الأشياء قريب منها و أقرب إليها من أنفسها، و بسبب
قربه القريب منها بعيد عنها؛
[1] .
ناء ... قريب ... في نأيه: نأى ... قرب ... في بعده (التوحيد، ص 61).
اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 318