اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 274
مسبّحة له جلّ و
علا.
و قوله
«انتظم» بيان لجملتي «أحكم» و «فطرها» على خلاف النشر، و المعنى: انّ بيان الفطر و
الابتداع هو أنه عزّ شأنه انتظم علمه صنوف ذرأها أي صدرت المبدعات عنه جلّ برهانه
بمحض علمه بنظام الخير في الكلّ، فلذلك صارت عقولا قادسة و أسماء إلهيّة. و بيان الإحكام
هو انّه وصل تدبيره جلّ مجده الى حسن التقدير الّذي لها في «عالم القدرة و
الربوبيّة» فلذلك صارت أرواحا مدبّرة و واسطة في الإفاضة إذ التدبيرات الواقعة في
العالم الحسّي انّما هي من أجل حسن [1] تقديرات تلك الوسائط النوريّة؛ و
اللّه أعلم و أحكم.
«أيّها السّائل!
انّ من شبّه ربّنا الجليل بتباين أعضاء خلقه، و بتلاحم أحقاق مفاصلهم المحتجبة
بتدبير حكمته، انّه لم يعقد غيب ضميره على معرفته، و لم يشاهد قلبه اليقين بأنّه
لا ندّ له.
«التلاحم»:
التلاصق. و الأحقاق، جمع حقّة، و هي في الأصل وعاء من خشب شبّه بها العظم الفاصل
بين عظمين و قوله «أنّه لم يعقد» خبر لقوله «انّ من شبّه» و تكرار انّ للتأكيد و
بعد الخبر عن المبتدأ. و المعنى: انّ من شبّه ربّنا الّذي جلّ عن التشبيه بالأعضاء
المتباينة الّتي يكون لخلقه و يحقق المفاصل المتلاصقة الّتي لهم، المستترة بأنواع
التدبير و أصناف الحكمة، بحيث يعجز أرباب التشريح عن ذكر شرذمة منها، فبالتّحقيق
لم يعقد عقله على معرفة اللّه تعالى؛ إذ حقّ معرفته أنّه لا يشبه شيئا و لا يشبهه
شيء و كذلك لم يشاهد ذلك المشبّه ببصيرة قلبه و لم يصل الى اليقين بأنّ اللّه لا
ندّ له [2] يشبهه، و انّه الواحد المتوحّد الّذي لا شيء يماثله