اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 270
و هذا الشيء
المشتمل على جميع البدائع الإلهيّة، هو العقل الأوّل الصادر منه المعبّر عنه
«بالنّور المحمّدي» و «القلم الأعلى». و في بعض النّسخ: «و ظهرت في البدائع الّتي
أحدثها آثار حكمته» و على هذا يشمل [1] جميع العوالم الوجوديّة و الدّرجات العلوية و السفليّة و هذه النسخة
أصوب.
فصار كلّ
شيء خلق حجّة له و منتسبا إليه فإن كان خلقا صامتا فحجّته بالتّدبير ناطقة فيه.
و لأجل انّ
البدائع المحدثة، هي آثار حكمته جلّ شأنه، صار كلّ مخلوق دليلا من اللّه عليه و
على صفاته الحسنى و أسمائه العليا، إذ الأشياء مظاهر آثار تلك الأسماء، و المظهر
لا محالة يدلّ على الظّاهر فيه، و كذلك صار كلّ شيء من المخلوقات منتسبا الى جاعل
الذوات و لا حكم للمظهر الّا و ينسب الى «الاسم» الّذي ظهر فيه. و قد دريت انّ
تذوّت الأشياء انّما يكون بفاعلها «القيّوم» فهي بالنسبة الى جاعلها شيء و بالنظر
الى أنفسها لا شيء؛ فكليّة الأشياء منتسبة إليه تعالى. و «الخلق الصّامت»، عبارة
عن الجسم و الصّور الطبيعيّة فإنّ حقائقها الموجودة في غاية التدبير، حجّة ناطقة
على وجود مدبّرها و الآثار الّتي فيها أدلّة قاطعة على حكمته و اتّصافه بجميع
الصّفات الحسنى.
فقدّر ما خلق
فاحكم تقديرها، و وضع كلّ شيء بلطف تدبيره موضعه و وجّهه بجهة.
هذه «الفاء»،
للتفسير و بيان «النطق بالتدبير». ذكر عليه السلام في هذه الجملة، ثلاثة لوازم
للجسم و هي المقدار و المكان و الحركة. بيان ذلك: انّه جلّ برهانه، قدّر الّذي خلق
من الأجسام أي جعلها ذا مقدار تعليميّ فأحكم تقديره أي جعل ذلك المقدار محكما
لازما للجسم بحيث لا ينفك جسم ما من مقدار