اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 262
على مثال الخلق
المختلفة القوى، فجعلوا له قوى مختلفة و أدوات متعدّدة على مثال ما في الخلق، و
ذلك باستنباطات عقولهم و نتائج أفكارهم. و «القريحة» أوّل ما يستنبط من البئر و هو
من الإنسان طبعه.
و كيف يكون
من لا يقدّر قدره مقدّرا في رويّات الأوهام، و قد ضلّت في إدراك كنهه هواجس
الأحلام؟! أبطل عليه السلام زعمهم فقال: و كيف يكون الّذي لا يوصف حق وصفه و لا
يمكن توصيفه، مقدّرا؟! أي مفروضا داخلا في رويّات الأوهام و أفكار العقول، و الحال
أنّه ضلّت في إدراك كنهه هواجس العقول و خواطرها و لا تصل إليه الأحلام و ما هجس
فيها و ما ظهر لها- تعالى عن ذلك علوا كبيرا!- و قد مضت البراهين على هذا المدّعى.
لأنّه أجلّ
من أن تحدّه ألباب البشر بالتّفكير أو تحيط به الملائكة على قربهم من ملكوت عزّته
بتقدير دليل على عدم اهتداء العقول إليه سبحانه و قوله «بالتفكير» متعلّق «بتحدّه»
كما أنّ قوله «بتقدير» متعلّق «بتحيط» و قد مضى [1] انّ كلمة
«على» تحتمل معنيين.
و بيانه: أنّ
وصول العقل إليه يستلزم التحديد، و إدراك الملائكة قدر عظمته يستلزم الإحاطة. و لو
كانت «الباء» في «بتقدير» للملابسة أو السببيّة و يكون التقدير بمعنى جعل الشيء
ذا قدر معنويّا كان أو محسوسا يصحّ [2]، إذ التقدير بهذا المعنى ملزوم الإحاطة.
و بالجملة،
الوصول العلميّ ممّا يلزمه محدوديّة المعلوم و إحاطة العالم به،