اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 237
غير صورة، لا
يدرك بالحواسّ، و لا يقاس بالنّاس، معروف بغير تشبيه، و متدان في بعده لا بنظير،
لا يمثّل بخليقته، و لا يجور في قضيّته.
الأنبياء و
الأولياء، انّما يقتصرون [1] في معرفة اللّه تعالى و تعريفهم إيّاه
للعباد «بالتّعريف الإلهيّ»، و لا يتجاوزون في وصف اللّه عزّ شأنه عمّا وصف هو به
نفسه من الوصف الجماليّ و الجلاليّ؛ و ذلك لأنّ كلّ تعريف ابتدأ من الخلق لا بدّ
للمعرّف بذلك التعريف من رؤية عيانيّة أو خياليّة أو عقليّة- كما لا يخفى على
المتدرّب في العلوم الحقيقيّة-؛ و كذا كلّ توصيف ابتدأ من الخلق، فلا محالة يستلزم
الصّورة للموصوف؛ إذ الصّفة مطلقا جهة الإحاطة و الحدّ، و ذلك يستلزم الصّورة في
المحاط و المحدود سواء كانت صورة حسيّة أو غيرها. و الصّورة المعنويّة أتمّ في
الصورية لأنّها ثابتة لا تزول؛ فلا محيص لهم عليهم السلام إلّا بأن يقفوا على
التّعريف الإلهيّ و التّوصيف الرّبوبي. و ذلك أيضا بالإقدار المحض و التعبّد
الخالص؛ وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ[2].
و جملة «لا
يدرك» مع معطوفاتها، للبيان و لذا لم يدخلها العاطف: أي التعريف الإلهيّ هو انّه
لا يدرك بالحواس؛ إذ المدرك بها لا يكون الّا عرضا و هو سبحانه متعال عن الجوهريّة
و العرضيّة. و لا يقاس بالناس، إذ المقايسة انّما يكون بين شيئين يشتركان في ذاتيّ
أو عرضيّ و هو عزّ شأنه مباين لما سواه من جميع الجهات، و إلّا يلزم التركيب
المشعر عن الفقر و الاحتياج- تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
«معروف بغير
تشبيه» أي الوجه الّذي يمكن أن يصير معروفا و يصحّ أن يتعلق به المعرفة هو أنّه لا
يشبه شيئا و لا يشبهه شيء؛ فكلّ من دان بذلك عن إيقان