اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 208
خلق ما أبدعه و
ابتدأه و لا يثقل عليه تدبير ما برأه، هكذا قيل في بيان قوله عزّ شأنه: وَ لا يَؤُدُهُ
حِفْظُهُما، ثمّ،
اعتذر عن فاعليّة العقل بأنّه لمّا كان كلمة اللّه و اسمه و إنّما هو عبد داخر
للّه، ففعله إنّما هو فعل اللّه.
و أقول: هذا
الحكم جار في جميع الموجودات الفواعل، لأنّ الكلّ خاضع لديه و إنّما أفعالها بأمر
اللّه و إذنه. فالوجه أن يقال: كلّ ما يكون فعله بعد ما لم يكن فانّما يؤده ذلك.
و بالجملة،
كلّ فاعل لا يفعل بإذنه و بذاته فقط، فانّه يثقل عليه ذلك الفعل؛ لأنّ الّذي لا
يفعل بنفس ذاته، فانّما يفعل بصفة في ذاته، و الصّفة مطلقا محمول و الحمل يستلزم
الثقل؛ لست أعني انّها يثقل ثقل الأوزان و الأحمال، بل إنّما نعنى بذلك انّها
زائدة على ذاته، و الزّيادة ثقل و حمل.
و أيضا، قد
عرفت انّ ما سوى الأوّل عزّ شأنه،، فانّما فاعليّته «بالاضطرار» بمعنى انّه يفعل
بأمر اللّه و إذنه و لا رادّ لأمره و كلّ مضطرّ على الإطلاق فالأفعال الصّادرة عنه
إنّما يثقل عليه و إن كان في كمال الطّوع و الرّغبة و نهاية الشّوق و المحبّة و
ذلك لأنّ الشّوق أيضا من غيره، و على ما حقّقنا يدخل جميع العلل الفواعل سواء كان
عقلا أو نفسا أو غيرهما؛ فتبصّر. و سيأتيك معنى قوله تعالى:
وَ لا
يَؤُدُهُ حِفْظُهُما[1] في مقام مناسب إن شاء اللّه.
و أمّا قوله
عليه السّلام: «و لا من عجز»- إلى آخره، فهو معطوف على قوله «لا يؤده». و كلمة
«لا» لتأكيد النفي و الجملة فعليّة و الظرفان متعلقان ب «اكتفى»، قدّما لرعاية
السّجع. و التقدير: و لا اكتفى سبحانه بما خلق من أجل عجز يعرضه أو فتور و إعياء
يلحقه. و يحتمل أن يكون «الباء» في قوله «بما خلق» للسببيّة. و لعلّ إيراد ذلك
للرّدّ على ما يمكن أن يقول أحد: فإذا كان لا يؤده شيء، فلم لم