اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 191
مجهولة. فليس هو سبحانه من حيث الإطلاق الذّاتي مثبتا انّه مبدأ أو
واحد أو فيّاض للوجود بل نسبة الوحدة و سائر الأمور بالنسبة إلى ذلك الإطلاق على
السّواء كما قال الرّضا عليه السلام: «لا محكما و لا متشابها و لا معلوما و لا
منسيّا» [1] إلى غير ذلك.
فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم و لا يناله غوص الفطن يعني لا
تصل إليه الهمم البعيدة في طلب الأشياء الرّفيعة، و لا يناله الفطن الغائصة في
الأمور الغائرة. و نعمّا قيل: «العجز عن درك الإدراك، إدراك»
[2] و ليس ذلك [3] شأن كلّ احد بل الغائصون في معرفته
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ[4] و يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً[5].
و تعالى اللّه الّذي ليس له وقت معدود، و لا اجل ممدود، و لا نعت
محدود
أي ليس له سبحانه وقت حتى يعدّ ذلك الوقت؛ إذ الوقت حصّة من الزمان،
[1] . التوحيد، باب ذكر مجلس الرضا، احتجاجه عليه السلام مع عمران
الصابي، ص 435.
[2] . نسب ابن العربي هذا القول إلى أبي بكر بقوله: «قال الصديق»
(الفتوحات، ج 1، ص 95) و الفيض الكاشاني نسبه إلى سيّد الأوصياء (المحجة البيضاء،
ج 8، ص 24) و الكلام مع ما فيه من الضعف لا يليق بجنابه لأنّه كيف يكون العجز عن
درك الإدراك إدراكا؟! نعم، لو قيل:
«إدراك العجز عن الإدراك إدراك» صحّ، و قارنه بما في مناجاة
العارفين من مناجاة خمسة عشر عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام:
«سبحان من لم يجعل للخلق طريقا إلى معرفته الّا بالعجز عن معرفته».