اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 181
حقيقة الحركة، هو التغيّر، و السكون عدمه عمّا من شأنه ذلك، و
استعمال الجريان الّذي هو بمعنى السّيلان مع الحركة من كمال البلاغة. و استدلّ على
ذلك بوجوه:
الأوّل، انّه سبحانه فاعل الحركة و مجريها إذ
الحركة لا بدّ لها من محرّك و قد ثبت انتهاء المحرّكات إلى محرّك لا محرّك فوقه،
فكيف يجري عليه الحركة لاستلزام كون شيء واحد بسيط فاعلا و قابلا و أنّى يوصف هو
عزّ شأنه بخلقه؟!.
الثاني، انّه قد ثبت انّ الحركة ابتدأت منه
سبحانه، فهو مبدأ الحركة، و هي ممّا لا بدّ لها من موضوع يقوم به، و من نهاية
ينتهي إليها، فالموضوع بمنزلة الوسط لصورة الحركة فلو عادت إليه الحركة بأن يصير
موضوعا لها، لكان لا يتميّز المبدأ من الوسط و هو شنيع.
إذا لتفاوتت ذاته و لتجزّأ كنهه
هذا إشارة إلى الدّليل الثالث و الرّابع:
بيان الثالث، إنّ الحركة، هو التغيّر و السّيلان و المتحرّك لا بدّ و
أن يتغيّر من حال إلى حال فيختلف عليه الأحوال فيتفاوت الذات بحسب توارد الصّفات.
و بيان الرابع: إنّ المتحرّك لا بدّ أن يكون بالفعل من وجه و بالقوّة
من جهة اخرى؛ إذ الحركة كمال أوّل لما بالقوّة من جهة ما بالقوّة، فيلزم التجزّي
من شيء بالفعل و من شيء بالقوّة.
و لامتنع من الأزل معناه
هذا هو الدليل الخامس و تقريره: إنّ الحركة هو التغيّر و التجدّد و
ذلك يستلزم الحدوث إذ الحركة لا بدّ لها من فاعل و موضوع، فهي مسبوقة [1] بهما، و الحدوث هو المسبوقيّة بالغير.