responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغارات - ط الحديثة المؤلف : الثقفي الکوفي، ابراهیم    الجزء : 2  صفحة : 707

دخلت على عليّ بن أبي طالب عليه السّلام القصر فوجدته جالسا و بين يديه صحفة فيها لبن حازر أجد ريحه من شدّة حموضته و في يديه رغيف أرى آثار قشار الشّعير في وجهه و هو يكسره بيده أحيانا فإذا أعيى عليه كسره بركبته و طرحه في اللّبن فقال: ادن فأصب من طعامنا هذا، فقلت: انّي صائم فقال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول: من منعه الصّيام من طعام يشتهيه كان حقّا على اللَّه أن يطعمه من طعام الجنّة و يسقيه من شرابها، قال: فقلت لجاريته و هي قائمة بقرب منه: و يحك يا فضّة ألا تتّقين اللَّه في هذا الشّيخ؟! ألا تنخلون له طعاما ممّا أرى فيه من النّخالة؟! فقالت:

لقد تقدّم إلينا أن لا ننخل له طعاما، قال لي: ما قلت لها؟- فأخبرته فقال: بأبي و أمّي من لم ينخل له طعام، و لم يشبع من خبز البرّ ثلاثة أيام حتّى قبضه اللَّه عزّ و جلّ.

قال المصنف (رضي الله عنه): الحازر اللّبن الحامض جدّا؛ و في المثل: عدي القارص فحرز أي جاوز القارص حدّه، فحذف المفعول؛ يضرب في تفاقم الأمر لأنّ القارص بحذاء اللّسان و الحازر فوقه؛ قال العجّاج:

يا عمر بن معمر لا منتظر

بعد الّذي عدي القروص فحزر

من أمر قوم خالفوا هذا البشر

أراد حروريّا جاوز قدره».

قال العالم الخرّيت الخبير و النّاقد النّحرير البصير على بن عيسى الإربلي قدّس- اللَّه روحه و نوّر ضريحه في كشف الغمة في معرفة الائمّة عند ذكره زهد أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في الدّنيا تحت عنوان «وصف زهده في الدنيا» بعد نقل الحديث من مناقب الخوارزمي كما نقلناه ما نصه (انظر ص 47 من طبعة طهران سنة 1294):

«انظر هداك اللَّه و إيّانا الى شدّة زهده و قناعته فانّ إيراده الحديث‌

و قوله عليه السّلام‌من منع نفسه من طعام يشتهيه؛.

دليل على رضاه بطعامه و كونه عنده طعاما مشتهى يرغب فيه من يراه، و ما ذاك لأنّه عليه السّلام لا يهتدي الى الأطعمة المتخيّرة و الألوان المعجبة و لكنّه اقتدى برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و وطّن نفسه الشّريفة على الصّبر على جشوبة المأكل و خشونة الملبس رجاء ما عند اللَّه و تأسيّا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فصار ذلك له ملكة و طبيعة، و من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل».

اسم الکتاب : الغارات - ط الحديثة المؤلف : الثقفي الکوفي، ابراهیم    الجزء : 2  صفحة : 707
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست