ان الحمد هو الثناء باللفظ بالخير على فعل الجميل الاختياري إذا كان
للجميل نحو مساس بالحامد و إلا فهو مدح. و أما الشكر فهو مقابلة الإحسان بنوع
إحسان يتضمن الاعتراف سواء كان عملا أو قولا و لو بنحو من الاعتراف بذلك الإحسان و
فضله لا مجرد الاعتراف بذات الفعل لا من حيث انه احسان و تفضل. و لا أظن قولهم
الحمد للّه شكرا إلا ان شكرا مفعول لأجله نحو سبحته تعظيما. و إن فاعل الجميل من
الناس إنما يستحق الحمد إذا فعله لحسنه أو لوجه اللّه و هو روح الإتيان بالفعل
لحسنه «و قليل ما هم» بل لا يستحقه حتى في الظاهر إذا عرف انه لم يفعله للّه و
لا لحسنه و ذلك القليل لا يستحق الحمد إلا من حيث مباشرته لفعل الجميل و اختياره
له. فإن القوى التي فعل بها و الإدراك الذي عرف به حسنه و الإرشاد إلى فعل الجميل
و الأعيان التي تكون محققة لاسداء الجميل هي كلها للّه و من اللّه جلت آلاؤه و لذا
كان الحمد كله و بحقيقته للّه الغني المطلق جليل النعم التي لا تحصى نعماؤه و لا
يخلو من عظائمها إنسان في حال من الأحوال. و جملة الحمد للّه خبرية ان كانت من
كلام اللّه في تمجيده لذاته و تنويهه بجلاله جلّ شأنه و لكن
روى الصدوق في الفقيه من كتاب العلل للفضل بن شاذان عن الرضا (ع) ليس شيء من
القرآن و الكلام جمع فيه من جوامع الخير و الحكمة ما جمع في سورة الحمد و ذلك ان
قوله عز و جلالْحَمْدُ لِلَّهِ إنما هو أداء لما
أوجب اللّه عز و جل من الشكر و شكر لما وفق له عبده من الخيررَبِّ
الْعالَمِينَ توحيد له و تحميد و اقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيرهالرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ
استعطاف و ذكر لآلائه و نعمائه على جميع خلقهمالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ
اقرار له بالبعث و الحساب و المجازاة الحديث.
إذن فجملة الحمد للّه إلى آخره إنما هي عن لسان العباد و تعليم لهم
كيف يحمدون و يوحدون و يقرون فهي خبرية تتضمن إنشاء الحمد بانه كله و بحقيقته
للّهرَبِّ الْعالَمِينَ الرب المالك المدبر أو
المربي و العالمين جمع عالمالرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تقدم تفسيره
[سورة الفاتحة (1): آية 4]
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ مالك يوم القيامة و بيده
أمره يتصرف فيه بعدله أو برحمته كيف يشاء و في التبيان و الكشاف و مجمع البيان أن
إضافة مالك إلى يوم الدين من اضافة اسم الفاعل إلى الظرف نحو قولهم «يا سارق الليلة أهل الدار». و
لا أرى حاجة ماسة إلى ما ذكروه.
و روي في التبيان و مجمع البيان مرسلا عن الباقر (ع) و القمي مسندا
عن أبي عبد اللّه (ع) و اخرج ابن جرير و الحاكم و صححه مسندا عن ابن مسعود و ناس
من الصحابة
ان يوم الدين يوم الحساب
و أظن ذلك لبيان انه يوم القيامة. و في التبيان و البيان الدين
الحساب و الجزاء و في