responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آلاء الرحمن فى تفسير القرآن المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 53

في المحاورات على حدوده و مزاياه و تتناوله غرائزهم في اللغة على خصائصه و تميز في كل مقام ما يراد منه. بيد ان مقام التفسير قد يشوش الذهن لعدم اللفظ المرادف و عدم الاستقصاء في البيان لمزايا المعنى و حدوده. و قد فسرت الرحمة بالعطف و الحنوّ. او الرأفة و الحنان. أو الرقة و التعطف. و كل هذه التفاسير إنما تحوم حول المعنى و تشير إلى شي‌ء منه من بعيد.

ألا ترى ان كلا من التفاسير الثلاثة تختلف كلمتاه في المعنى و إن هذه المذكورات قاصرة مع ان الرحمة تتعدى إلى المفعول. و ان الأساس لمعنى الرحمة و دعامه ان تتعلق بالمحتاج إلى ما لا يقدر عليه من نيل الخير و دفع الأذى و الضر. و يكون الداعي للراحم هو احتياج ذلك المحتاج و الرغبة في إسعافه و إعانته فيه من دون أن يرجع إلى أغراض الراحم من نحو حاجة أو محبة او ارتباط خاص به. و يعرف من تعديتها إلى المفعول انها ليست عبارة عن الانفعال النفسي بل هي تستعمل في حالة نفسية تتعلق بالمحتاج على الوجه المذكور و بالنسبة للّه جل شأنه نحو من كماله الذاتي يتعلق بالمحتاجين على الوجه المذكور. و لأجل قصور البشر نوعا عن فهم صفات اللّه جلّ اسمه على ما هي عليه جرى القرآن الكريم على التعبير عنها بما يعبر به عما يناسبها في الشبه بالآثار و المزايا من صفات البشر الحميدة و جرى على ذلك في المبدأ و الاشتقاق.

و تستعمل الرحمة ايضا بنفس الاسعاف او بنفس المسعف به. و من الثالث بحسب الظاهر قوله تعالى في سورة آل عمران‌وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً و في سورة الكهف‌رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً و غير ذلك. و في القرآن ايضا ما يصلح انطباقه على المعنى الأول و الثاني. فالرحمن فعلان لذي الصفة الفعلية البينة ذات الأثر الظاهر و لها بقاء و استمرار كغضبان و ريّان و فرحان.

فيدل على فعلية الراحمية البينة و استمرارها. و ان إهمال المتعلق مع اشتقاقها من المتعدّي ليدل على عموم هذه الراحمية ذات الأثر الظاهر و شمولها لكل محتاج إليها و الكل محتاج إليها. و من ذا الذي تكون راحميته او رحمته بمعنى اسعافه فعلية بينة ظاهرة الأثر مستمرة شاملة مطلقة و من ذا الذي يقدر على هذا الإسعاف غير اللّه جلت آلاؤه و لأجل ذلك اختص هذا الاسم الكريم باللّه جلّ شأنه (الرحيم) صفة مشبهة تؤخذ بهذه الصيغة من المعاني الثابتة كالسجايا و الأخلاق فتدل على ثبوت الرحمة و دوامها للّه كدوام السجايا و الأخلاق للبشر و لزومها و بهذه الدلالة و هذه المزية كانت ابلغ في المدح و بهذه الجهة صح الترقي إليها بالتمجد و المدح و لا يمتنع أخذ الصفة المشبهة بهذه الصيغة من الوصف المتعدي بحسب وضعه لأنه قد يجعل لازما بتضمينه معنى السجية

اسم الکتاب : آلاء الرحمن فى تفسير القرآن المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست