responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آلاء الرحمن فى تفسير القرآن المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 4

حكمة تنوع المعجز

و لا يخفى أنّ حصول الفائدة المذكورة من تنوّع المعجز المذكور يختلف كثيرا بسبب اختلاف الناس في أطوارهم و معارفهم و مألوفاتهم. فربّ خارق للعادة يعرف بعض الشعوب انه خارق للعادة لا يكون إلا بإرادة إلهية خاصة و يكون في بعض الشعوب معرضا للشك او الجحود لإعجازه و خرقه للعادة كان في عصر موسى النبي (ع) من الرائج بين المصريين صناعة السحر المبتنية على قوانين عادية يجري عليها التعليم و التعلم. فكانوا يعرفون ما هو جار على نواميس هذه الصناعة و ما هو خارج عنها و عن حدود القدرة البشرية. و لأجل ذلك اقتضت الحكمة ان يحتج عليهم بمعجزة العصا التي ألقاها موسى (ع) أمام أعينهم فصارت ثعبانا تلقف ما يأفكون و يسحرون به الناس من الحبال و العصي ثم رجعت بعد ذلك عصا كحالها الأول و لم يبق لحبالهم و عصيهم عين و لا اثر فإنهم بسبب معرفتهم لحدود السحر عرفوا أن امر العصا خارج عن صناعة السحر و عن حدود القدرة البشرية و لذا آمن السحرة بأن أمرها من اللّه تعالى و كانت فلسطين و سوريا في عصر المسيح مستعمرة لليونان و فيها منهم نزلاء كثيرون. فكان للطبّ فيها رواج ظاهر و كان في الفصل الثالث عشر و الرابع عشر من سفر اللاويين من التوراة الرائجة تعليم طويل في تطهير القرع و البرص و القوبا بنحو يختص بروحانية الكهنوت و يوهم انه من بركات الكهنة و الآثار الرّوحية و إن كان من نحو الحجر الصحي فلأجل ذلك كانت معجزات المسيح بشفاء الأبرص و الأعمى و الأكمه مما يعرفون انه خارج عن حدود الطب و مزاعم الكهنة و قدرة البشر و من خارق العادة التي لا يكون إلا بقدرة اللّه تعالى‌

حكمة كون المعجز للعرب هو القرآن‌

و أما العرب الذين ابتدأت بهم دعوة الإسلام في حكمة سيرها في الإصلاح فقد كانت معارفهم نوعا منحصرة بالأدب العربي و كانوا خالين من سائر العلوم و الصنائع الخاضعة للعلم و التعلم. فلم يكونوا يميزون حدودها العادية بحسب موازين العلم و التعلم و أسرار الطبيعيات المنقادة بقوانينها للباحث و الممارس و المتعلم و المجرّب و المكتشف و الداخلة تحت سيطرة العلم و التعلم. فلا يعرفون من الأعمال ما هو خارج عن هذه الحدود و خارق للعادة و لا يكون‌

اسم الکتاب : آلاء الرحمن فى تفسير القرآن المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 4
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست