و نداولها خبر. و جرى ما جرى على مقتضى أحوال الناس من نفاق عبد
اللّه بن أبي و أصحابه و رجوعهم من الجيش و من مخالفة من خالف كالكثير من اصحاب
عبد اللّه بن جبير و من فرار من فر و كان ما كان من جري الأمور على أسبابها لإجراء
الأمور على مقاديرهاوَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا أي و لتكون العاقبة ان
يتحقق في الخارج ايمان الذين آمنوا و اتبعوا الرسول إلى الحرب و جاهدوا و يعلمهم
اللّه في الأزل بعلمه التابع و يقارن ذلك في استمراره عملهم في الإيمان و الجهادوَ يَتَّخِذَ
مِنْكُمْ شُهَداءَ اي و لتكن العاقبة ان يفوز بعضكم بالشهادة. و في التعبير بقوله
تعالى
«وَيَتَّخِذَ» تكريم عظيم للشهداء إذا كان استشهادهم باتخاذه لهم و اختياره لهم
الحسنىوَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ و لكنكم فررتم و خالفتم
فتسلط عليكم الظالمون بحسب مجرى الأسباب و المقادير و احوال الحرب
137وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا أي و لتكن العاقبة ايضا تمحيص المؤمنين من غيرهم. و التمحيص التخليص
اما من شين الخليط بتمييز المؤمن بإيمانه من غيره. و اما بتخليص المؤمن من الذنوب
و الأظهر الأولوَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ بنقصهم شيئا فشيئا حتى
يضمحلوا 138أَمْ حَسِبْتُمْ أم منقطعة في مقام
الاستفهام الانكاريأَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ
الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ جملة «و لما يعلم» حال من «تدخلوا»
و كلمة «لما»
تفيد النفي المستمر إلى زمان الخطاب او متعلق الحال لما هو في مقام
الوقوع.
اي حسبتم ان تدخلوا الجنة حال عدم علم اللّه التابع من الأزل إلى
أوان دخول الجنة بجهاد المجاهدين. و حاصل المعنى أم حسبتم ان تدخلوا الجنة و لما
يجاهد المجاهدين منكم فذكر علم اللّه لأنه لازم للوقوع و في ذلك اشارة الى وقوع
الجهاد و حصول المجاهدين و الصابرينوَ يَعْلَمَ
الصَّابِرِينَ بنصب يعلم بان مضمرة و الواو بمعنى مع أي يعلم الذين جاهدوا مع علمه
بالصابرين. كما يقال لا تأكل السمك و تشرب اللبن بنصب تشرب أي لا تأكله مع شريك
اللبن و يكون العلم بالصابرين قيدا لاثر العلم بالمجاهدين و حاصله ان دخولكم الجنة
منوط بجهاد المجاهدين مع صبر الصابرين الثابتين مدة الجهاد في مركز الحرب و احتدام
لظاها. فلا تظنوا انكم تدخلون الجنة