و رده بالصبر عن هيجان آثاره من الكلام او الانتقام. و كظم البعير
امسك عن الجرة. قيل واصله كظم القربة أي شد رأسها عند ملئها أقول كان المراد كظم
مائها عن أن يطفح و كظم البعير ما في كرشه عن ان يخرجه للاجتراروَ الْعافِينَ
عَنِ النَّاسِ و العفو اقرب للتقوى. و ان كظم الغيظ و العفو عن الناس من محاسن
الأخلاق و آثار الفضيلة التي تعين على السلم و الهدو و حسن الاجتماع و راحة البشر
في الجملة. و صفات هذه الآية من أهم موارد الإحسانوَ اللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ و كفى بذلك فخرا و فوزا
131وَ الَّذِينَ قيل انها مجرورة بالعطف
على المتقين و «أولئك»
في الآية الآتية اشارة إلى الجميع و ذكرت المغفرة لأن كل من عدا
المعصوم محتاج إليها. و قيل الذين مبتدأ و جملة أولئك خبره و القول الاول انسب
ببيان الجزاء للمتقين و بقوله تعالىفَنِعْمَ أَجْرُ
الْعامِلِينَ فان الاستغفار و ان كان عملا صالحا لكنه يبعد ان يترك التنويه باعمال
المتقين و يقتصر في التنويه على استغفار أولئك المستغفرين هذا و إذا قيل ان خصوص
ما ذكر من اتفاق فعل الفاحشة و ظلم النفس مع ذكر اللّه و استغفاره و عدم الإصرار
لا ينافي كونهم من المتقين قبل ذلك و بعد ذكر اللّه و الاستغفار و إن تضعضعت فيهم
ملكة التقوى عند الذنب فعليه تكون كلمة «الذين» معطوفة على «العافين» في طرد صفات المتقين و فيه
نوع اشكال و اللّه العالمإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً في النهاية الفاحشة كل ما
اشتد قبحه من الذنوب و المعاصي و كثيرا ما ترد بمعنى الزنا. و في المصباح فحش مثل
قبح و كل شيء تجاوز الحد فهو فاحش و منه غبن فاحش. و في القاموس الفاحشة الزنا و
كل ما يشتد قبحه من الذنوب أقول و أظن ان ارادة الزنا من الفاحشة في بعض الموارد
إنما هو باعتبار كونه من الافراد الظاهرة في الفحشاء فالأظهر في الآية استعمال
الفاحشة في مطلق المعصية الفاحشة في قبحهاأَوْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ بما دون ذلك من الذنوبذَكَرُوا
اللَّهَ
قيل ذكروا و عبدوا اللّه. و الأقرب ان يكون المراد انهم بعد ان
اغفلهم الشيطان و النفس الأمارة حين الذنب و أنساهم ما يجب له من الطاعة و عدم
المخالفة ذكروا اللّه و ماله من الجلال و انه ربهم العظيم و مالك أمرهم و مرجع
خوفهم و رجائهم و تنبهوا الى زللهمفَاسْتَغْفَرُوا اللّهلِذُنُوبِهِمْ فيكون السر في ذلك تمييزهم
عمن