108ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ في قرون عديدة [1] لما يذكر في آخر الآية من سوء اعمالهمأَيْنَما
ثُقِفُوا
و أدركوا و ظفر بهم فلا منعة لهم من الذلةإِلَّا أن يعتصموابِحَبْلٍ مِنَ
اللَّهِ
بأن ينقطعوا و يلتجؤا اليه بإخلاص فيغيثهموَ حَبْلٍ مِنَ
النَّاسِ
بأن يدخلوا في عهدهم و ذمتهم او رعايتهم و حمايتهم. و سمي ذلك بالحبل
لمنعته لهم من السقوط في هاوية الذلوَ باؤُ بمعنى رجعوا و نحوهبِغَضَبٍ مِنَ
اللَّهِ
لسوء اعمالهموَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ في القاموس من معاني
المسكين الضعيف الذليل. و في المصباح عن ابن الاعرابي الذليل المقهور و في النهاية
مما يدور على المسكين و المسكنة من المعاني الخضوع و الذلة. أقول و الظاهر هنا ان
معنى المسكنة ما تدور حوله هذه المعاني و هو لازم لليهود لانكسار شوكتهم القومية و
السياسية و انحلال جامعتهم في ذلك مهما بلغ بعض الأفراد منهم في الثروة و النخوة
الجزئية الصورية الموقتةذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ بتتابع ارتدادهم. و كفرهم
بما أوتي المسيح منهاوَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ القيد للتوضيح و التسجيل
لقبيح أفعالهم فإن قتل الأنبياء كله بغير حقذلِكَ بِما
عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ حدود اللّه. و كررت
الاشارة تأكيدا لبيان الجهات التي يستحقون بها النكال العاجل و الانتقام. هذا شأن
النوع من أهل الكتاب في اجيالهم و ما كلهم كذلك فإنهم 109لَيْسُوا
سَواءً و على وتيرة واحدة في الضلال
[1] كما يذكر التاريخ من كتب العهد
القديم و تاريخ يوسيفوس و غيره ما تمادوا عليه من تتابع الارتداد و الكفر من بعد
سليمان و قتل الأنبياء و سوء الأعمال في الشرك و ما جرى عليهم من آثار الحروب من
ملوك آشور و مصر و بابل و طيطوس. و بقيت الآثار على ذلك. و القوم أبناء القوم فقد
خلفوهم بالكفر بآيات اللّه للمسيح فقالوا الأقاويل و فعلوا الأفاعيل حتى اتبعوا
ذلك بالكفر بآيات اللّه لرسوله خاتم النبيين و منها بشرى كتبهم به و بقرآنه فجهدوا
في الكفر و الغيّ جهدهم حتى ذاقوا وبال أمرهم