و حكي على ذلك الإجماع بل يدل عليه العلم بأن وجوبهما إنما هو لتحصيل
الائتمار و الانتهاء.
و على ذلك لا يجبان إلا أن يحرز إصرار المأمور على ترك المعروف و
المنهي على فعل المنكر. بل ربما يصادف ذلك اهانة التائب و هي مفسدة. و مع الشك
فالأصل عدم الوجوب خصوصا مع احتمال المفسدة المذكورة و لزوم الاحتراز عن الإهانة
للغير إلا بحق و من أجل ذلك يتوقف الأمر و النهي على معرفة المعروف او المنكر فإن
كان الجهل من حيث الشرع وجب التعلم بوجوب تعلم الأحكام الشرعية و إن كان من حيث
الاشتباه الخارجي فالأصل البراءة مع لزوم الاحتراز عن اهانة الغير إلا بحق-
الرابعة- أن لا تكون فيهما مفسدة من نحو ما تقدم أو ضرر يرجح الحذر منه على
مصلحتها بحسب المورد الخاص. و التفصيل موكول الى كتب الفقهوَ أُولئِكَ الواو للاستئناف و المشار
إليهم هم الذين يدعون الى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر على النحو
المطلوب
هُمُ الْمُفْلِحُونَ 101 وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
تَفَرَّقُوا
عما يجب فيه الاجتماع مما فيه الصلاح و الفلاحوَ اخْتَلَفُوا بحسب أهوائهممِنْ بَعْدِ ما
جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ الواضحات من أدلة الحق فتولوا عنها بضلال أهوائهموَ أُولئِكَ
لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ و الواو يحتمل أن تكون للاستئناف و يحتمل أن تكون عاطفة على أولئك هم
المفلحون. و في العطف مناسبة المقابلة و التقسيم في النظم 102يَوْمَ
تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ في التبيان ما ملخصه ان
العامل في «يوم»
عظيم- و يجوز أن نعمل فيه الجملة في معنى يعذبون يوم. و تبعه على
كلامه بحروفه في مجمع البيان. و في الكشاف نصب «أي يوم على الظرفية» بالظرف و
هو «لهم»
او بإضمار «اذكر»
أي على انه مفعول لا ظرف و تبعه على ذلك الرازي في تفسيره.
و لكن ارتباط الآيات في النظم و ذكر ابيضاض الوجوه و اسودادهما على
ترتيب الفلاح و العذاب في الآيتين المتقدمتين يناسبهما ان يكون «يوم» ظرفا لفلاح المفلحين و
عاقبة المتفرقين.
و قيل ان ابيضاض الوجوه كناية عن رونق بشرها و اسودادها كناية عن
حالة خزيها نحو قوله تعالى في سورة النحل 60وَ إِذا بُشِّرَ
أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ و هذا