و انقطاعه اليه ليمنعه و يحفظه بهداه و توفيقه من محاذير الضلال و
اتباع الهوى و النفس الأمارة و موبقات المعاصي و الأخلاق الذميمة، و مهالك غضب
اللّه، و حرمان لطفه و توفيقه و رضاه و المحقق لهذا الاعتصام بعد مخالفة الهوى و
النفس الأمارة هو اتباع دلالة العقل و الفطرة و ما جاءت به رسل اللّه في معرفته مع
النظر في آياته و اتباع مدلولها و الإيمان برسله و كتبه. و في حال الخطاب هو
الإيمان بخاتم النبيين و قرآنه و اتباعهما فيما جاءا به و بلغه رسول اللّه حق
الاتباع و من جرى على هذا الاعتصامفَقَدْ هُدِيَ
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و ان هذا الاعتصام لصراط مستقيم يؤهل العبد الى توفيق اللّه له لسلوك
الصراط المستقيم
[سورة آلعمران (3): آية 102]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ
لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)
98يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ أي اتقوا غضبه و ما يخاف منه بطاعتكم لهحَقَّ
تُقاتِهِ
جاء في سورة البقرة 115يَتْلُونَهُ
حَقَّ تِلاوَتِهِ.
و الأنعام 91 و الحج 73 و الزمر 67ما قَدَرُوا
اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. و الحج 77جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ. و الحديد 27فَما رَعَوْها
حَقَّ رِعايَتِها.
فالمعنى ما يحق و يليق بجلاله من تقاته و يكون نصب «حق» على النيابة عن المفعول
المطلق المضاف اليه لأنه من صفاته. و
في تفسير البرهان عن معاني الاخبار و محاسن البرقي في الصحيح عن
الصادق (ع)
يطاع فلا يعصى، و يذكر فلا ينسى، و يشكر فلا يكفر، و نحوه عن ابن
شهرآشوب عن تفسير وكيع عن علي (ع)
و في الدر المنثور ذكر جماعة أخرجوه منهم الحاكم و صححه عن ابن
مسعود. و أخرجه الحاكم ايضا و صححه عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه (ص) ان يطاع فلا يعصى
و يذكر فلا ينسى،
و من المعلوم ان اللّه لا يكلف العبد في مفردات التكاليف بما لا يقدر
عليه و لا يجمع عليه منها ما هو فوق ما يقدر عليه و لا يستطيع الإتيان بجميعه. إذن
فحق تقاة العبد للّه أن يتقيه في جميع ما الزمه به أو كما ذكرت الروايات المتقدمة.
و ان التكليف الذي هو لطف بالعباد لتكميلهم لا يتنازل عن هذا المقدار و الإلزام لا
يتساهل فيه. نعم قد يقتضي اللطف و التيسير أو عدم القدرة و الاستطاعة من أول الأمر
أن لا يكلف ببعض الأفعال او التروك و إن كانت من سنخ الواجبات. و عليه لا يكون
الارتكاب لها مما ينبغي أن يتقى اللّه و يخاف من أجله.
و عن قتادة و السدي و الربيع ان قوله تعالىاتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ منسوخ بقوله تعالى في سورة التغابن 16فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ كما ذكر روايته في الدر المنثور عن قتادة و الربيع. و ذكر