50وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ
اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ بعض اللغويين فسر المكر بالخديعة. و في التبيان «و المكر و ان كان قبيحا
فإنما اضافه اللّه الى نفسه لمزاوجة الكلام كما قالفَمَنِ اعْتَدى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ. و الثاني ليس باعتداء و إنما هو جزاء» و نحوه في مجمع البيان. و
كأنهم نظروا في ذلك الى ان الكثير من استعمال الناس للفظ المكر هو فيما يساوق
استعمالهم للفظ الخديعة من الإنسان لإيصال الضرر المحرم الى غيره و بذلك يكون
قبيحا. و لكن استعمال القرآن الكريم و بعض الموارد يرشد الى ان المكر هو اعمال
خفية على الغير في معاملته على غفلة منه عنها. و قد جاء في القرآن الكريم منسوبا
الى اللّه بدون مزاوجة كقوله تعالى في سورة الأعراف 197أَ فَأَمِنُوا
مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ و قال اللّه هنا و في سورة
الأنفال 30وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ فأطلق لفظ الماكر عليه جل
شأنه و على غيره يعني الظالمين بلفظ واحد و لا يجوز استعمال اللفظ الواحد في
المعنى الحقيقي و المعنى المجازي معا. و عموم المجاز يأباه المقام. و قد
ورد في الدعاء في خطاب اللّه «و لا تمكر بي في
حيلتك»
بدون مزاوجة. و
في نهاية اللغة «و في حديث الدعاء اللهم امكر لي و لا تمكر بي».
و اما ما أسنده ابن بابويه عن الرضا (ع) من قوله ان اللّه لا يمكر
و لكنه يجازي على المكر
فإن في سنده جهالة و إهمال و يمكن أن يريد نفي المكر بالمعنى الذي
يساوق الخديعة لإيصال الضرر القبيح كما ذكرناه. و الا فإن عرض الرواية على ما
ذكرناه من القرآن كما أمرنا به اهل البيت يوجب الوثوق بعدم صدورها عنهم عليهم
السلام. هذا و لعل المراد من مكرهم ما يذكر من انهم قالوا لملكهم ان عيسى يطلب
الملك لنفسه فوافقهم على صلبه و قتله. و المراد من مكر اللّه هو إلقاء شبه المسيح
على غيره و رفعه الى السماء.
و في تفسير القمي مسندا عن الباقر (ع) ان المسيح قال
لأصحابه أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل و يصلب و يكون معي في درجتي فقال شاب أنا يا
روح اللّه فقال فأنت هوذا. و نحوه في رواية الدر المنثور مما أخرجه عبد بن حميد و النسائي و
ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن ابن عباس.
و روى عن وهب بن منبه مما أخرجه عنه عبد بن حميد و ابن جرير ان الذي
القى عليه شبه المسيح