يسار عن رسول اللّه (ص) اعملوا بكتاب
اللّه فما اشتبه عليكم فاسألوا عنه اهل العلم يخبروكم.
الحديث.
و الذي يشتبه عليهم هو المتشابه. و
اخرج احمد و ابو يعلى في مسنديهما و البيهقي في شعبه و الحاكم في
مستدركه و ابو نعيم في الحلية و سعيد بن منصور في سننه و ابن السكن عن الأخضر
الانصاري. و الديلمي عن أبي ذر جميعا عن رسول اللّه (ص) ان عليا (ع)
يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل هو (ص) على تنزيله.
و مفاد الحديث ان امير المؤمنين (ع) كان عالما بتأويل القرآن على
حقيقته فهو يقاتل دفاعا عنه و تثبيتا لحقائقه في الدين و اساسياته كما قاتل رسول
اللّه (ص) دفاعا عن تنزيله: و اما دلالة سياق القرآن فإن تمجيد الراسخين في العلم
بهذا التمجيد السامي و الصفة الفائقة انما يناسب عطفهم في مقام العلم بالتأويل و
رسوخهم فيه و مجدهم في الايمان بمؤداه على بصيرة من أمرهم و اما قولهم آمنا فلو
أريد به الإيمان بنزول لفظه من دون علم بمعناه و لا عمل به لكان المناسب له وصفهم
بتصلبهم في الايمان و التسليم لرسول اللّه في التنزيل اذن فقوله تعالىيَقُولُونَ
آمَنَّا بِهِ حال اي يعلمون تأويله حال كونهم يقولون آمنا اي بما عرفوه من مؤداه
فإن الكثير منه هو اساسيات دينية قد اقتضت الحكمة إبهامها حال التنزيل بالإطلاق او
العموم او الكناية او غير ذلك مع بيان تأويلها و خصوصية المراد بقرائن الحال او
السنة كما وقع مثله في آية الزكاة إذ أهمل مقدارها و وقت أخذها و مورد وجوبها الى
سنة ترويضا للناس في أمرها و صعوبتها عليهم. و سيمر ان شاء اللّه لذلك مواردكُلٌ من المحكم و المتشابه و
التنزيل و التأويلمِنْ عِنْدِ رَبِّنا و ولي أمرنا الحكيم في
بيانه لنا و هدانا إلى الحقوَ ما يَذَّكَّرُ من ارشاد القرآن الكريم و
هذه الآية الشريفة
إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ 6 رَبَّنا اي يا ربنا و مالك أمرنا و
من بيده توفيقنا و خذلاننا. و مناسبة السياق تقتضي ان يكون ذلك دعاء من الراسخين
في العلم في التوفيق للثبات على الهدى بما علمهم اللّه من التأويللا تُزِغْ
قُلُوبَنا
اي لا تخذلنا و تسلب عنا بسوء اعمالنا لطفك و توفيقك فتزيغ قلوبنا و
تنحرف عن الحق و الاستقامة فنبتغي الفتنة بالتلاعب بتأويل القرآنبَعْدَ إِذْ
هَدَيْتَنا
بلطفك الى معرفة الحق، و النكتة في نسبة الإزاغة إلى اللّه هي النكتة
في نسبة الإضلال اليه جل شأنه. و هي التنويه بما لتوفيقه من الأثر المحيي