و مالك امره في الدنيا و الآخرةوَ لا
تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ آثم خبر إن و قلبه فاعل او
خبر مقدم و قلبه مبتدأ و الجملة خبر ان و نسب الإثم الى القلب باعتبار انه آلة
الكتمان و لتغليظ الإثم ببيان فساد المبدء للأعمال فإن فساد القلب اصل الشر و
البعث على الفساد. و قيل آثم و لم يعبر بالفعل ليدل على دوام الإثم بدوام الكتمان
وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ 283 لِلَّهِ ما فِي
السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ و هو الخالق للكل و المدبر
له و بيده امره و أنتم من جملة ذلك فهل يخفى عليه شيء من أموركموَ إِنْ
تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ في التبيان و مجمع البيان
ان المراد بالآية ما يتناوله الأمر و النهي من الاعتقادات و الإرادات مما هو مستور
عنا و على ذلك رواية العياشي عن رجل و عن أبي عمر الزبيري عن الصادق (ع).
و قد أورد في الدر المنثور في هذه روايات كثيرة مختلفة متعارضة و
مضطربة. منها عن ابن عباس انها نزلت في الشهادة و إقامتها و كتمانها و يرد على
الرواية انه ما معنى الحساب على ابدائها و إقامتها. و منها عن ابن عباس و عائشة
انها غير منسوخة و فسر ابن عباس ما يخفونه بالأعمال التي لم يطلع عليها الحفظة. و
منها عن أبي هريرة و ابن عباس انها نسخت بقوله تعالىلا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها. و في الرواية عن ابن عباس تفسيرها بوسوسة النفس و عنه تفسيرها تارة
بحديث النفس و تارة بالتكذيب. و منها عن ابن مسعود و عائشة ان الناسخ لها هو قوله
تعالىلَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ: و لكن هذا غير مستقيم فإن
ما لا يدخل في وسع الإنسان لا يكلف اللّه به لأن التكليف به قبيح فلا يمكن ان يثبت
لكي ينسخ بقوله تعالىلا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها و لا تكون هذه الآية نسخا
لما هو داخل في الوسع و اما قوله تعالىلَها ما
كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ فإنه لو اختص إثباته
بالافعال الخارجية لما كان فيه دلالة على النفي عن غيرها ليكون ناسخافَيَغْفِرُ
لِمَنْ يَشاءُ ممن يستغفر و يتوب ان كان أهلا لأن يتاب عليهوَ يُعَذِّبُ
مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 284 آمَنَ الرَّسُولُ محمد صلى اللّه عليه و آله
و سلمبِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ