بما رواه أحمد في مسند ابن عباس لو كان لابن آدم واديان من ذهب و كذا
ما يأتي من رواية الترمذي عن انس. و ايضا إن تمنى الوادي و الواديين و الثلاث ليس
بذنب يحتاج إلى التوبة إذن فما هو وجه المناسبة بتعقيب ذلك بجملة «و يتوب اللّه على من تاب» و
إن شئت ان تستزيد مما في هذه الرواية من التدافع و الاضطراب فاستمع إلى ما رواه
الحاكم في المستدرك ان أبا موسى الأشعري قال كنا نقرأ سورة نشبهها بالطول و الشدة
ببراءة فأنسيتها غير اني حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا و
لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
و ذكر في الدر المنثور انه أخرجه جماعة عن أبي موسى. و أضف إلى ذلك
في التدافع و التناقض ما أسنده في الإتقان عن أبي موسى ايضا قال نزلت سورة نحو
براءة ثمّ رفعت و حفظ منها ان اللّه سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم و لو ان
لابن آدم واديين لتمنى إلى آخره.
و أسند الترمذي عن أنس بن مالك قال قال رسول اللّه (ص) لو كان لابن آدم
واد من ذهب لأحبّ ان يكون له ثان و لا يملأ فاه إلا التراب و يتوب اللّه على من
تاب.
و ها أنت ترى روايات عائشة و جابر و انس و ابن عباس تجعل حديث الوادي
و الواديين من قول رسول اللّه و تمثله.
فهي بسوقها تنفي كونه من القرآن الكريم. و مع ذلك فقد نسبت إلى كلام
الرسول (ص) ما يأتي فيه بعض من الاعتراضات المتقدمة مما يجب ان ينزّه عنه ودع عنك
الاضطراب الذي يدع الرواية مهزلة.
(الأمر الثالث)
و مما الصقوه بكرامة القرآن المجيد قولهم في الرواية عن زيد بن ثابت
كنا نقرأ آية الرجم «الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة» و في الرواية عن ذر عن أبيّ ان
سورة الأحزاب كانت تضاهي سورة البقرة او هي أطول منها و ان فيها أو في أواخرها آية
للرجم و هي «الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة نكالا من اللّه و اللّه عزيز حكيم»
و في رواية السياري من الشيعة عن أبي عبد اللّه بزيادة قوله بما قضيا من
الشهوة.
و في رواية الموطأ و المستدرك و مسدد و ابن سعد عن عمر كما سيأتي «الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة»
و في رواية أبي امامة ابن سهل ان خالته قالت لقد أقرأنا رسول
اللّه (ص) آية الرجم «الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة» و نحو ذلك رواية
سعد بن عبد اللّه و سليمان بن خالد من الشيعة عن أبي عبد اللّه (ع).
و يا للعجب كيف رضي هؤلاء المحدثون لمجد القرآن و كرامته ان يلقى هذا
الحكم الشديد على الشيخ و الشيخة بدون ان يذكر السبب و هو زناهما اقلا فضلا عن شرط