و له الحمد و هو المستعان و الصلاة و السلام على خيرته من خلقه محمد
صلى اللّه عليه و آله سيد المرسلين و آله الطاهرين المعصومين صلوات اللّه عليهم
أجمعين (و بعد) ففي فجر سعادة البشر و تبلج صبح الهدى و رسالته. أشرق نور القرآن
الكريم على العالم من أفق الوحي على الرسول الأمين الصادع بأمر ربه. فكان باعجازه
الباهر حجة على وحيه و بفضائله الفائقة دليلا على فضله و بسناه الوضاح هاديا الى اتباعه.
يعرّفك في كل باب من أبواب معارفه السامية انه تنزيل من ربّ العالمين. و لكن
اختلاط اللسان و اختلاف الزمان و تشعب الأهواء و تضارب الآراء أثارت من دون أنواره
غبارا و جعلت على البصائر من الجهل غشاوة. و قد أوجب اللّه على عباده أن ينصروا
الحقيقة بالبيان و يجلوا غبار الشكوك بالحجة و يميطوا غشاوة الجهل بيد العلم
الشافي.
و قد نهض جماعة لتفسيره و الإرشاد الى منهج فهمه. فآثرت و انا الأقل
محمد جواد البلاغي ان أتطفل في هذا الشأن و أتقحم في هذا الميدان جاريا على ما
تقتضيه أصول العلم متنكبا مالا حجة فيه من نقل الأقوال متحرّيا للاختصار مهما أمكن
مستعينا باللّه و مستمدا من فضله و ما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت و اليه أنيب.
و قد سميت الكتاب (آلاء الرحمن في تفسير القرآن) و جعلت للمقصود مقدمة فيها فصول و
خاتمة