responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 6  صفحة : 405

ظهر غيره اتقاك على نفسه فضحكت من قوله وقلت هذا والله مقال من لا يموت حتف أنفه اه‌ والذي يلوح لنا أن هذا الجواب ان صح فإنما يراد به مجرد الاقناع وان الباعث له سواه وهو ما مرت إليه الإشارة من اعتقاده انهم أهل ذلك على أن أكثر من هجاهم اعتدوا عليه فهجاهم فالمعتصم استخف به بأنه يؤجل جائزته إلى مائة سنة والفضل بن العباس عابه ونال منه فهجاه وابن أبي داود كان يطعن عليه ويسبه فهجاه والعكلي وعثعث جرتهما القافية لبلاء صبه الله عليهما والخاركي هجاه وسبه فهجاه دعبل والجارية عبثت به فهجاها وصالح العبدي وضيوفه ذبحوا ديكه وأكلوه فهجاهم بقدر جنايتهم ولم يفرط وأبو سعد المخزومي هجاه فاجابه ولما توهم أنه يريد صلحه فرح دعبل بذلك إلى غير ذلك.
وفي الأغاني بسنده قال إبراهيم بن المهدي للمأمون قولا في دعبل يحرضه عليه فضحك المأمون وقال انما تحرضني عليه لقوله فيك ذلك حين أقام العباسيون إبراهيم المغني هذا في الخلافة ببغداد لما بايع المأمون الرضا بولاية العهد وهو بخراسان:
يا معشر الأجناد لا تقنطوا * وارضوا بما كان ولا تسخطوا فسوف تعطون حنينية [1] * يلذها الأمرد والأشمط والمعبديات [2] لقوادكم * لا تدخل الكيس ولا تربط وهكذا يرزق قواده * خليفة مصحفه البريط [3] قال وزاد فيها جعفر بن قدامة:
قد ختم الصك بأرزاقكم * وصحح العزم فلا تغمطوا بيعة إبراهيم مشؤومة * يقتل فيها الخلق أو يقحطوا وذلك أنه قل المال عنده فخرج رسوله إلى الناس وقد اجتمعوا فصرح لهم انه لا مال عنده فقال بعض الغوغاء أخرجوا إلينا خليفتنا ليغني لأهل هذا الجانب ثلاثة أصوات ولأهل هذا الجانب ثلاثة أصوات فتكون عطاء لهم فأنشد دعبل بعد أيام هذه الأبيات فقال له إبراهيم قد والله هجاك أنت يا أمير المؤمنين فقال دع هذا عنك فقد عفوت عنه في هجائه إياي لقوله هذا وضحك ثم دخل أبو عباد فلما رآه المأمون من بعد قال لإبراهيم دعبل يجسر على أبي عباد بالهجاء ويحجم عن أحد فقال له وكان أبا عباد أبسط يدا منك قال لا ولكنه حديد جاهل لا يؤمن وانا أحلم واصفح والله ما رأيت أبا عباد مقبلا الا أضحكني قول دعبل فيه:
أدنى الأمور لضيعة وفساد * امر يدبره أبو عباد وكانه من دير هقل مفلت * حرد يجر سلاسل الأقياد جذبه القلوب في حسن شعره ومنادمته يظهر من مجاري أحواله أن حديثه كان جذابا للقلوب ساحرا للألباب فالرشيد حين سمع أبياتا له استحسنها وأرسل إليه قبل أن يراه عشرة آلاف درهم وخلعة من ثيابه ومركبا من مراكبه وطلب حضوره ان اختار ذلك فلما حضر امره بملازمته وأجرى عليه رزقا.
ونادم عبد الله بن طاهر فأعجب به حتى صار ينادمه في الشهر خمسة عشر يوما ويجيزه بعشرة آلاف درهم.
معرفته باللغة الأغاني بسنده عن محمد بن زكريا بن ميمون الفرغاني: سمعت دعبل بن علي يقول في كلام جرى ليسك فأنكرته عليه فقال دخل زيد الخيل على النبي ص فقال له يا زيد ما وصف لي رجل الا رأيته دون وصفه ليسك يريد غيرك.
اعجابه بشعر بكر بن خارجه الأغاني بسنده عن علي بن عبد الله بن سعد قال لي دعبل وقد أنشدته قصيدة بكر بن خارجة في عيسى بن البراء النصراني الحربي:
زناره في خصره معقود كأنه من كبدي مقدود فقال والله ما أعلمني حسدت أحدا على شعر كما حسدت بكرا على قوله * كأنه من كبدي مقدود أخباره في تاريخ دمشق: من أخباره على ما حكاه عبد الله ابن طاهر انه كان في مبدأ امره غلاما خاملا لا يؤبه به وكان بينه وبين مسلم بن الوليد أستاذه ازار لا يملكان غيره فإذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم في البيت عاريا وإذا خرج مسلم جلس دعبل كذلك وكانا إذا اجتمعا لدعوة يتلاصقان فيطرح هذا شيئا منه عليه والآخر الباقي وكانا يعبثان بالشعر فلما قال دعبل: أين الشباب وأية سلكا الأبيات تلقفه بعض المغنين فغنى به هارون الرشيد فسأله عن قائله فقال بعض احداث خزاعة ممن لا يؤبه له وهو دعبل فأرسل له هارون عشرة آلاف درهم وحلة من حلله ومركبا من مراكبه وأجاز المغني وقال للرسول أعطه هذا ومره بالحضور إلي وان أبى فلا تجبره فلم يمتنع عن الحضور فقربه هارون ورحب به حتى سكن روعه ثم استنشده الشعر فأنشده واعجب به وأقام عنده يمتدحه وأجرى عليه الرشيد أجزل جراية وأسناها وكان الرشيد أول من جرأه على قول الشعر وبعثه عليه ثم انه ما غيب هارون الرشيد في حفرته حتى أنه أنشأ يمتدح آل الرسول ص ويهجو الرشيد كما يأتي هذا المضمون في اخباره مع الرشيد ثم ذكر الأبيات الرائية المكسورة المذكورة هناك ثم قال ابن طاهر فوالله ما كافأه وما كان سبب نعمته بعد الله الا هارون فهذه واحدة وذكرنا هناك ان هجاءه الرشيد لم يكن قلة وفاء منه قال واما الثانية فان المأمون لما استخلف قال دعبل : علم وتحكيم وشيب مفارق إلى آخر الأبيات الآتية ثم ذكر رضا المأمون عنه واعطاءه الأمان واستنشاده إياه مدارس آيات قال ولكنه عتب على المأمون وأرسل إليه يقول أيسومني المأمون وذكر الأبيات السابقة ثم قال عبد الله بن طاهر فوالله ما كافأه ولا كافى أبي ما أسدى إليه وذلك أنه لما توفي أنشأ يقول:
وأبقى طاهر فينا خلالا * عجائب تستخف لها الحلوم ثلاثة اخوة لأب وأم * تمايز عن ثلاثتهم أروم


[1] ألحانا منسوبة إلى حنين المغني.
[2] منسوبة إلى معبد المغني.
[3] آلة للغناء تشبه صدر البط وهي المسماة اليوم بالكمنجة. - المؤلف -

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 6  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست